أدت إلى تكوين المرحلة الأخيرة من أصحاب مهنة العقيلات، فبعد أن كانت مهمة قبيلة بعينها ثم صارت من مهمة فرع عن فروع هذه القبيلة كان له شوكة وسلطة ثم ورث هذه المهمة من ورثها بعد مرحلتها الأولى كما مر بنا وبعد الحوادث الطبيعية والأحداث السياسية تكونت المرحلة الثانية التي عرفت بها هذه الفئة حتى انتهى دورها، وكان نواة هذه المرحلة في الزبير والبصرة ثم في بغداد، فالزبير كما هو معروف تقع في واد غربي البصرة يقال له قديما وادي النساء ثم سمى وادي السباع وحين قُبر هناك الزبير بن العوام رضي اللَّه عنه عام ٣٦ هـ سميت المنطقة باسمه، ولما ملك العثمانيون العراق أقاموا مسجدًا عند قبر الزبير ثم أقام السلطان سليم الثاني عام ٩٧٩ هـ/ ١٦٨٩ م قبة في المكان ما لبث الناس أن توافدوا عليها يسكنون بقربها، ثم أصبح الزبير بوابة نجد على العراق وهي منطقة وسط بين الصحراء وأرض السواد ووسط بين البادية والحاضرة، من هذه البلدة بالإضافة إلى البصرة انطلقت نواة العقيلات في مرحلتهم الأخيرة وصارت تنمو شيئًا فشيئًا بحكم الهجرات الجماعية التي تصل إليها من نجد حتى أصبحت مدينة لها وزنها وثقلها ولعبت دورًا كبيرًا في التجارة العالمية وفي توجيه القوافل التجارية بين العراق والشام بالإضافة إلى البصرة وبغداد والنجف وسوق الشيوخ التي استقر بها أعداد كبيرة من النجديين، وكان لتلك الحوادث والأحداث المنوه عنها في بداية هذه الفقرة دور كبير في تكوين هذه النقاط الجديدة لتجمع العقيلات فضلا عن دافع طلب الرزق من الذين يذهبون لفترة من الزمن ثم يعودون إلى أهلهم ومعهم ما حصلوا من مكاسب وتجارة.
[تنظيمات العقيلات]
يتمتع العقيلات بتنظيمات هيكلية من منطلق المهمات التي يقومون بها، فلكل نشاط من أنشطتهم تنظيمه الخاص، وهذه التنظيمات وإن لم تكن مكتوبة إلا أنها متوارثة ومتناقلة بينهم يأخذها الخلف عن السلف مشافهة، فالقافلة التي تنتقل من نقطة إلى أخرى لها تنظيم خاص يتكون عن أمير القافلة الذي يرجع إليه رؤساء "الخُبر" الفرق الذين معه وكل "خُبرة" أو فرقة موكول إليها مهام معينة، كدلالة الطريق وملاحظة الإبل والخيل ورعيها إن كانت القافلة عن قوافل بيع المواشي، أو فرق تحميل الأحمال وتنزيلها أو فرقة "الثَاية" وهي الموكول إليها الخيام والأمتعة