من المعروف أن الله سبحانه وتعالى - اختص العرب وأكرمهم بأن جعل خاتم الأنبياء والمرسلين محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهم وأنزل آخر الرسالات والكتب السماوية (الفرقان) بلسانهم وجعل بيته الحرام وقبلة المسلمين في ديارهم، وبهذه فقد أعزهم الله بالإسلام، وبالإسلام قامت دولتهم عندما انطلقت الدعوة وسارت الجحافل من طيبة الطيبة من مدينة الرسول الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الأمم والآفاق تبلغ الرسالة وتخرج النّاس من الظلمات إلى النور، فهي ليست دعوة للعرب وحدهم بل كانت للناس كافة.
وبعد قيام دولة الإسلام في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم من بعده الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ثم في عهد الدولتين الأموية والعباسية كانت كتائب الإسلام تجوب الأرض وتدعو إلى الإسلام وتنشر العدل والإخاء بين النّاس مرسخة مبادئ الحرية والمساواة على أساس من التقوى.
ولقد كانت القبائل العربية التي ظلت قرونا طويلة تسودها روح العصبية والتناحر والاقتتال أول من انضم إلى حظيرة الدين والانقياد للدعوة والطاعة الأولى الأمر متفانين بخدمة عقيدتهم لا يؤثرون عليها شيئًا مهما كان فقد هذبهم الإسلام وقضى على الكثير من عاداتهم وأفكارهم فكانوا بحق جنود الإسلام وحملة لوائه؛ لهذا نرى الرايات تعقد لخيار القوم من شتى القبائل سواء العدنانية منها أو القحطانية، فالإسلام آخي بين الجميع وأضعف التفاخر بالأنساب {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ … (١٢)} [الحجرات]، ولا يعني ذلك إلغاء دور خيار القوم وسادتهم عندما أسلموا وفقهوا فقد قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
وقبيلة طيئ بعد أن دخلت في الإسلام انشغلت بالجهاد وتوسعت في الهجرة والرحيل إلى العراق والشام ومصر وفي كل ارض تؤمه قوات الإسلام وكتائبه حينذاك، ومنذ ذلك الوقت لَمْ يكن للقبيلة أثر كبير في موطنها في أرض الجبلين ولم تحظ باهتمام المؤرخين شأن معظم بقاع نجد، فلقد خطفت الأضواء واستحوذت على الاهتمام المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى ثم الكوفة في عهد علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثم دمشق فبغداد.