للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عبيد: صالح يا ابن أبي هذا الرجال اللي يتمنى رأسي"!!! وفي الحال سبلا عليهم بالبنادق، وتناوخا معهم وعقروا جيش عبيد وصالح فجعلاها (محاجي) لهما، حتى غابت الشمس، فإذا بالأفزاع تأتيهم من ربعهم، فأنشد عبيد:

لحقوا أهل الإبل ثلاثين ترامينا … والكل منا يقاس الطول بحباله

حن ما غير خمسه والزود ما فينا … أل معونه راعي البيت ونسأله

صنع الكفر من قديم كسوت أيدينا … تورّع اللي من الشرهين عياله

لعيون من يبتجح إلى جاه طاربنا … خذنا قضاء شيخنا قرم من أمثاله

واللَّه إن يخلّى التعرّض وإن يصافينا … وأن يخلى المري الطرّاش في حاله

عبور حمر شعر للبحر (١)

غزى قاسم بن ثاني ومعه الهواجر والمناصير من قطر يريدون آل مرة شرقًا من الأحساء، وكان الفارس حمد بن جابر العذبة الملقب بـ (حمر شعر) (٢) في طريقه ذاهبًا لقطر، فوقع في أيدي القوم فأمسكوا به وربطوه وأخذوه معهم، لكي لا (ينذر) (٣) بهم، وقيل: إن يقبلوا على المنفذ البري الذي يدخل على شبه جزيرة قطر، استطاع أن يهرب منهم فقصد البحر وخاضه سباحة قاصدًا آل مرة لينذرهم، فوضع يندقيته على رأسه وربطها وخاض البحر، فإن أحس بالتعب سبح مع تيار الأمواج، فإذا استرد أنفاسه عكس التيار متجهًا للغرب، حتى وصل الشاطئ الغربي، وكان قد بلغ منه التعب والإرهاق مبلغه، فرأته امرأة عند (ركاب) (٤)، فذهبت لأبيها وأخبرته، فركب من فوره ومن معه فوجوده وحملوه، ولما وصلوا (عقروا) (٥) لهم حوار من جيران الإبل (كرامة) له، وأخذوا (يمسدونه) (٦) بدهن الحوار والودك على (المله) (٧). وفى الصباح أصبح حمر شعر في حال تمكنه من ركوب الخيل، فقال: أعطوني فرسا". فقالوا: واللَّه ما يعطيك إلا يدك، اختر لك


(١) عبره من الشاطئ الشرقي للغربي سباحة وكانت المسافة التي قطعها من (٢٠ - ٢٥) كيلا.
(٢) حمر شعر: هو حمد بن جابر آل جفيش العذبة وهو فارس وشاعر.
(٣) ينذر: يبلغ قومه ليستعدوا.
(٤) ركاب: الجمال.
(٥) عقروا: ذبحوا له حوار كرامة له.
(٦) يمسدونه: بأن يضع خرقة بها دهن ويضعونها قرب النار ثم يضغطون بها على عروق جسمه.
(٧) الملّه: هي رمادة النار الحارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>