للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ضمضم السُّلَمي أيضًا:

أبلغ لديك ذوي الحلائل آية … لا تأمنن الدهر ذات خِمار

بعد التي قالت لجارة بيتها … قد كنت لو لبث الغزي بدار

لما رأت رجلًا تسفع لونه … وغر المصيفة والعظام عواري (١)

مشط العظام تراه آخر ليلة … متسربلًا في درعه لغوَّار (٢)

إذ لا أزال على رحَّالة نهدة … جرداء تلحق بالنجاد إزاري (٣)

يومًا على أثر التهاب وتارة … كتبت مجاهدة مع الأنصار

وزهاء كلّ خميلة أزهقتها … مهلًا تمهله وكل خبار (٤)

كيما أغيِّر ما بها من حاجة … وتود أني لا أؤوب فُجَّاره (٥)

العباس بن مِرْدَاس وسبي هَوَازِن

لما أسلم وفد هَوَازِن بعد حُنَين وجاء للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: يا رسول الله إنا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لَمْ يخف عليك فامنن علينا مَنَّ الله عليك، وقام رجل يُكَنى أبا صرد من بني سعد بن بكر (هَوَازِني) فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر (الأَسْر) عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك (يقصد حليمة بنت ذؤيب السعدية من هَوَازِن) ولو أنا مالحنا للحارث (أي أرضعناه) أو للنعمان بن المنذر ثم نزل منا يمثل الذي نزلت به ورجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين، فرد النَّبِيّ الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائلًا لهَوَازِن:

أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟ فقالوا: يا رسول الله خيِّرتنا بين أموالنا وأحسابنا فلترد علينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا، فأجاب الرسول الكريم قائلًا: أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم، وإذا ما صليت الظهر بالنّاس فقوموا وقولوا: إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله


(١) تسفع تغير إلى السفعة وهي سواد مشبع بحمرة، الوغر: شدة الحر، المصيفة: شديدة الحرارة.
(٢) مشط العظام: قليل اللحم، لغوار: للإغارة.
(٣) الرحالة: السرج، نهدة: غليظة، النجاد: حمائل السيف.
(٤) الخميلة: رملة طيبة ينبت فيها شجر، الخبار: ما لان واسترخى من الأرض.
(٥) فُجَّار: تستعمل في النداء عادة ويقال يا فجَّار للمرأة الفاجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>