للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُطْعمينَ إذَ الرِّياحُ تناوحت … حتَّى تغيبَ الشَّمسُ في الرَّجَّافِ (١)

إمَّا هلَكْتَ أَبا الفعال فمَا جَرَى … من فوق مثلكَ عَقْدُ ذات نطافِ (٢)

إلا أَبِيكَ أخي المَكارِمِ وحدَهُ … والفيضِ مُطلَّبُ أبي الأضْيَافِ (٣)

مُعاذ (*) بن صرم الخزاعي

كان معاذ فارس خزاعة، وأمه من عك، ومن خلالها توطدت علاقته مع أخواله، فبين الحين والآخر كان معاذ يقوم بزيارتهم، وفي إحدى زياراته استعار منهم فرسًا، وأتى قومه، فقال له رجل يقال له جُحَيش بن سودة وكان له عدوًا: أتسابقني على أن من سبق صاحبه أخذ فرسه؟ فسابقه، فسبق معاذ، وأخذ فرس جحيش، وأراد أن يغيظه فطعن أيطل الفرس بالسيف، فسقط، فقال جُحيش: لا أم لك قتلت فرسًا خيرًا منك ومن والديك؟ فرفع معاذ السيف فضرب مفرقه، فقتله ثم لحق بأخواله وبلغ الحي ما صنع، فركب أخ لجحيش وابن عم له فلحقاه فشد على أحدهما فطعنه فقتله وشد على الآخر فضربه بالسيف فقتله.

وقال في ذلك:

ضَربْتُ جُحَيْشًا ضَربةً لا لئيمةً … ولَكنْ بصَاف ذي طَرَائقَ مُسْتَكِّ

قَتَلْتُ جُحَيشًا بعد قَتْلِ جَوَادِهِ … وَكنتُ قَديمًا فَي الحَوَادِثِ ذا فَتْكِ

قَصدتُ لعمرٍو بَعْدَ بَدْرٍ بَضَربَةَ … فَخَرَّ صَريعًا مثلَ عَائَدةِ النُّسْكِ

لِكَي يَعْلَم الأقَوامُ أَنِّي صَارمٌ … خُزاعَةُ أجْدَادِي، وأُنْمى إِلَى عَكِّ

فَقد ذُقْتَ يا جَحْشُ بنَ سَودةَ ضَربَتِي … وَجرَّبتني إِن كنَتَ من قَبلُ في شَكِّ

تَرَكْتُ جُحَيشًا ثَاوِيًا ذا نَوائِحَ … خَضيبَ دَم جَارَاتُهُ حوله تَبْكي


(١) تناوحت: تقابلت. والرجاف (هنا): البحر.
(٢) النطاف: جمع نطفة، وهي القرط الذي يعلق من الأذن. هذا على رواية من روى "عِقد" بكسر اللعين، ومن رواه بفتح العين جعل النطاف جمعًا لنطفة وهي الماء القليل.
(٣) يريد أنه كان لأضيافه كالأب. والعرب تقول لكل جواد: أبو الأضياف. (السيرة النبوية ١/ ١٧٨).
(*) مجمع الأمثال ١/ ٣٢٢، ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>