للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجلست القرفصاء ووضعت رأسها بين ساقيها ورمت غطاء على جسمها كله وبدت وكأنها كومة سوداء.

وإذا كان هذا التحفظ يحدث تجاه الغرباء فإن هذا التحفظ يزول في مجتمع العبابدة الداخلي. فالمرأة العبادية تقابل الرجال من العبابدة وتناقشهم في كلّ شأن من شئون الحياة. وتلتقي الفتاة المخطوبة بخطيبها أمام الأهل، ويرعيان الأغنام معا طوال النهار ويجريان ويمرحان ويتسامران سويا في أي فج من فجاج الصحراء، وقد يسافران معا من بئر إلى أخرى (١).

[عادات وتقاليد]

وهناك بعض العادات والتقاليد عند العبابدة حافظوا عليها. فعند ولادة طفل تذبح الذبائح ويأكل منها الجميع وكذلك عند الختان (الطهور). وأما بالنسبة للزواج فيختلف عند سكان الصحراء عن أمثالهم في الريف والمدن. ففي الصحراء يتم مبكرا جدًّا كما سبق الإشارة. وغالبا ما يكون المهر من الإبل الغنم (٢).

وأما مسكن الزوجية فهو كسائر مساكن العبابدة في الصحراء يتكون من خيمة تعد للعروسين وهي تتكون من "الأبراش" ووبر الجمال. ويقام احتفال للعروسين تكثر فيه الذبائح وتأتي إليه بطون القبيلة من كلّ دروب الصحراء. ويظلون يرقصون بالسيوف ولهم في ذلك جلبة شديدة.

وإذا كان هذا ما يحدث في الزواج فإن الطلاق يكاد لا يعرفه مجتمع العبابدة، بل عرف مسألة تعدد الزوجات. والأخيرة مرتبطة بالعدالة التي يحاول العبادي بقدر الإمكان أن يوفرها لزوجاته. وقد يكون مرد ذلك أن معظم الزيجات التي تتم تكون من داخل القبيلة الواحدة التي تجمع بينها أواصر القربى والجوار بالإضافة إلى عملية تبادل المصاهرة" - إن جاز هذا التعبير - فيما بين أبناء القبيلة الواحدة والتي يستحيل فيها الطلاق. فلو فرض أن طلق زوج زوجته ففي الحال سوف تلقى أخته نفس المصير. ويمكن أن نضيف سببا آخر لندرة الطلاق بين العبابدة وقبائل الصحراء يشكل عام من يجاورهم ويتمثل في شدة تمسك العبابدة


(١) سمير خواسك: المرجع السابق. ص ٥١.
(٢) بوركهارت: المصدر السابق. ص ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>