كما ترى الآن (قصر فخم مبنى بالأسمنت المسلح مكيف بالكهرباء) أما البلدة فتشبه أية بلدة ناشئة، مخططة تخطيطًا بديعًا، غير أن الأرض على جوانب الشوارع ليست كلها معمورة، ويختلط فيها بناء الأسمنت المسلح والأحواش والصنادق، وشوارعها ليست كلها معبدة، وكذلك مدخلها كان تحت التعبيد، وتشتد الرياح بعد الظهر فتثير الأتربة، وهو أهم ما يشكو منه السكان، ويذكرني هذا بحالة تبوك أول نهضتها، حيث كانت الزوابع تنغص علينا الحياة هناك والذي أعتقده أن شرورى ستلحق بتبوك، غير أن الأرض غير الأرض والإمكانات الطبيعية غير إمكانات تبوك.
ويوجد في شرورى من الدوائر الحكومية: الإمارة، والشرطة، والبلدية، والمحكمة، وقيادة عسكرية.
[الوديعة]
أبدينا للشيخ رغبتنا في الوديعة، فأمر بسيارة (G. M. c) مصندقة ومكيفة يقودها السائق مقبل بن محمد الصيعري، وقال الشيخ: هذه سيارتي الخاصة، ولما قلنا له: إن سيارتنا يمكن أن تقوم بالمهمة، قال مبتسمًا: سيارتكم انتهى عملها هنا، وأنتم في ضيافتنا وكلنا في خدمتكم. فشكرناه، وتوجهنا مع "مقبل" على طريق الوديعة باتجاه الجنوب الغربي، ولم نسر إلا بضع أكيال حتى أحسسنا بارتجاج في السيارة فتوقف السائق وتفقد السيارة فإذا إحدى عجلاتها قد (بنشرت)، وكانت الشمس قد اشتدت حرارتها وزاد من وهجها وجود الأسفلت والرمال البيضاء المحيطة، وبدل مقبل العجلة بسرعة جيدة ثم واصلنا سيرنا، وعندما شاهدنا جبل (الوديعة) صرنا في أرض ليست رملية، إنما حزوم وجلد، وهذه تسمى (حيلة شنية) وظهرت إلى يسارنا ببعد جبال (قعافز) في ديار الصعير، وعلى (٥٤) كيلًا من لضرورى كنا قد وردنا الوديعة.
وتلتقي في الوديعة -أيضًا- ديار أربع قبائل: الصيعر من الشرق والجنوب، والكرب -من أبي العبيد- من الجنوب، ونهد تختلط من الكرب، ويام من الشمال،