للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءت نوبة القعقاع بن عمرو سلم لهم مثلهم وراية الجهاد فأنشد ما يثير به الهمم الإسلامية والنخوة (١) العربية واستعدت الروم والنوبة والبربر والنجاب والفلاحون فكاد الأمراء يضطربون لولا أن الله ثبتهم وذكر قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا. . . (٥١)} [التوبة]، فكثر التصادم بين الفريقين وتعددت الوقائع. ويحدثنا الواقدي أنه في بعض الملاحم قتل من المسلمين ٤٠ أربعون مجاهدا وقتل من أعدائهم ٧٠٠ سبعمائة فارس وفي طليعة المسلمين المقداد بن الأسود والقعقاع بن عمرو وشرحبيل بن حسنة التميميان فلم يسع المقداد إلا أن يخوض في الخيل منشدا من الشعر ما يشجع به الجبناء والرعاديد فما بال الأبطال الصناديد وتلاه زياد ابن أبي سفيان وفعل ما فعله المقداد.

[القعقاع بن عمرو ومهارته في الوساطة]

طارت شهرة القعقاع بن عمرو التميمي في البطولات الحربية التي كانت أسباب النصر الإسلامي على دولتي الفُرس والروم، وأما شهرته كوسيط لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مع عائشة رضي الله عنها.

ومما سجله التاريخ له في وقعة الجمل سنة ٣٦ هـ (٢) كانت عائشة قد خرجت من المدينة وعثمان بن عفان - رضي الله عنه - محصورا بها وقصدت مكة المكرمة للحج ولما عزمت على العودة علمت بمقتل عثمان فتأثرت وزاد تأثرها لما علمت أن المسلمين اجتمعوا على مبايعة علي ثم رجعت إلى مكة عازمة على أن تطالب بدم عثمان وحرضت الناس على الثأر للخليفة الشهيد وتبعها بنو أمية وطلحة وابن الزبير وكان الإمام علي - رضي الله عنه - في ذي قار - فبلغه أن عائشة ترسل بكتبها إلى أهل الرأي العام لاستمالتهم وتحريضهم ولما أقبلت الجنود إلى ذي قار بدعوة من علي نصحهم ثم دعا القعقاع للوساطة بينَّه وبين أهل البصرة فقدمها وبدأ بعائشة.

فجاء عائشة (٣) وقال لها: يا أماه ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة. فأجابت أي بني الإصلاح بين الناس. فقال: ابعثي إلى طلحة والزبير حتى


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٤٥.
(٢) انظر: تاريخ ابن خلدون ج ١ ص ٤١٢ - ١٩٣٦ م.
(٣) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>