للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنو سعد في الجاهليّة وصَدْر الإسلام:

أخبار بني سعد بن بكر في الجاهلية قليلة، ولعل ذك يعود إلي أنها لم تُنْجِب شاعرًا معدودًا يذكر وقائعها ويدفع أشعار خصومها، ومعلوم أنَّ الشعر يسجلُّ الأخبار، بل قد لا أكون مبالغًا إن قلت: إن كثيرًا من الأخبار تُنْسَجُ لكشف معاني الشعر، ولم تكن قبائل عجز هوازن: جشم، ونصر، وسعد قَريبةً من متناول رواة اللغة والأخبار، الذي كانوا يجدون طَلِبَتَهمُ في القبائل التي لا تَبْعُد عن البصرة والكوفة كثيرًا، ولولا أن جشمًا أنجبت فارسًا مشهورًا في الجاهلية هو دريد بن الصمة غزا نحو مئة غزوة (١) كان فيها أو في أكثرها مظفرًا - لما كان حظُّ جُشَم في جاهليتها يفوق حظ نصر وسعد، وإنْ شَمَخَتْ نصرُ بمالك بن عوف النَّصري الذي كانت إليه سيادة هوازن كلها في يوم حنين (٢).

ومن الأخبار القليلة التي نجدها عن سعد ما أشار إليه زهير بن أبي سُلْمَى وبلغَهُ أن سُلَيْمًا وهَوازِن يريدون الإغارة على غَطَفَان:

رَأَيْتُ بَنِي آلِ امْرئ القَيس أَصْفَقُوا … عَلَيْنَا وَقَالُوا: إنَّنَا نَحْنُ أَكثَرُ

سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأفْنَاءُ عَامِرٍ … وسَعْدُ بنُ بكر، والنُّصُوْرُ أعْصرُ (٣)

ومن الإشارات ما جاء في قول جنوب بنت الحزن بن مرّة الخُزَاعيّة ترثي عامر بن عبيد الخزاعي، وكان جمع جمعًا من خزاعة فصبّحوا دارًا من بني سهم بن معاوية، ودارًا من بني سعد بن بكر:

ألَا عَين مَا جُوْدي بهَمْرٍ … عَلَى قَتْلَى بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرو

أصَابَتْهُمْ قَبَائِلُ مِنْ هذيلٍ … وأدَتْهَا بَنُو سَعْد بْنِ بَكْرِ (٤)

أذتْها: أعانتها.


(١) "الأغاني" ١٠/ ٤.
(٢) انظر "سيرة ابن هشام" القسم الثاني ص ٤٣٧.
(٣) "شرح ديوان زهير" ص ٢١٣، وانظر "خزانة الأدب" ٢/ ٣٢٩.
(٤) "شرح أشعار الهذليين" ٢/ ٨٦٠ - ٨٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>