للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله أكرم سعدًا فكان منها مرضعتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحداهما حليمة، وسعدّية أخرى أرضعت حمزة، فحمزةُ - رضي الله عنه - أخو المصطفى عليه الصلاة والسلام من الرضاعة من قبل السّعدية سيشار إليها (١).

أمَّا إرضاع حليمة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فله حديثٌ ممتع احْتفتْ به كتب السيرة أيّما احتفاء (٢)، ولستُ بحاجة إلى سرده، إذ هو من الشهرة بالمكان المكين، غير أني أشير إلى شي من خبره لَا لأنَّه يتَّصل ببني سعد فحسب بل لأنَّه يتّصل بسيد ولد آدم عليه أتم الصلاة، وأزكى التسليم، فقد ذكروا أن حليمة أخذت لمّا نفر صويحباتها ومع كل واحدة منهن رضيع، وما كانت ترغب في أنْ يكون حظُّها طفلًا يتيمًا، وقَصُّوا أن أمَّه آمنة قالت: (يا حليمة قيل لي ثلاث ليال. استعرضي ابنك في بني سعد بن بكر، ثُمَّ في آل أبي ذؤيب) (٣).

ورأت حليمة وزوجها من بركته - صلى الله عليه وسلم - ما قرّت به عيناهما فَثدياها باتَا يكفيان طفلين حتى الشَّبَع، وشارفُهما التي كانت ما تَبِضُّ بقطرة أمست حافلًا، حَلَبَا منها فشربا حتى انتهيا شِبعًا ورِيًّا، وأتَانهما التي كانت تؤخّر الركب ما ركبتْهما حاملة الطفل اليتيم المبارك حتى فاتَت الركب (٤).

ولا نكاد نعثر لبني سعد بن بكر على خبر يذكر غير سريّة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - التي أرسلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي حَيّ من بني سعد بن بكر بِفَدَكَ في شعبان سنة ستة من الهجرة (٥).


(١) "طبقات ابن سعد" ١/ ١٠٩، وانظر "سبل الهدي والرشاد" ١/ ٤٦٠.
(٢) انظر على سبيل المثال "السيرة" لابن هشام، القسم الأول ص ١٦٢، و"طبقات ابن سعد" ١/ ١١ - ١٥. و"السيرة النبوية" لابن كثير ١/ ٢٢٥، و"سبل الهدي والرشاد" ١/ ٤٧٠.
(٣) "طبقات ابن سعد" ١/ ١١١، وانظر "سبل الهدي والرشاد" ١/ ٤٧١
(٤) "السيرة" لابن هشام القسم الأول ص ١٦٣
(٥) "المغازي" للواقدي ٢/ ٥٦٢، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>