[إقطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال بن الحارث]
قال محمد بن سعد في طبقاته: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال بن الحارث المزني. أن له النخل وجزعه (شطره) ذا المزارع والنخل وأن له ما أصلح به الزرع من قَدس وأن له المضة والجزع والغيلة إن كان صادقًا.
وقال الإمام مالك رحمه الله في موطَّئه: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة.
قلت: هذا الإقطاع من النبي - صلى الله عليه وسلم - بقي في أيدي قبيلة مزينة مدة من الدهر وتلته اقطاعات أخرى. منها حرَّة المدينة الغربية فإنها بقيت في أيدي من بقي من هذه القبيلة إلى ما قبل الحكم السعودي بل فتحت المدينة وهي في أيديهم حيث إن الدولة العثمانية اشترت من مزينة طريق القطار وموقفه في باب العنبرية على تفصيل في ذلك سيأتي ذكره إن شاء الله في موضعه من هذا السفر المبارك. وقال ابن جرير الطبري في تاريخه (٣: ١٩٢) عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كانت الرمادة جوعًا أصاب الناس بالمدينة وما حولها فأهلكهم حتى جعلت الوحش تأوي إلى الإنس وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها وإنه لمقفر، فكان الناس بذلك وعمر كالمحصور عن أهل الأمصار. حتى أقبل بلاله بن الحارث المزني - رضي الله عنه - فاستأذن عليه فقال: أنا رسول رسول الله إليك، يقول لك رسول - صلى الله عليه وسلم - لقد عهدتك كيِّسًا وما زلت على رجْل فما شأنك. فقال: متى رأيت هذا؟ قال: البارحة فخرج فنادى في الناس الصلاة جامعة فصلى بهم ركعتين ثم قام فقال: أيها الناس أنشدكم الله هل تعلمون مني أمرًا غيره خير منه؟ قالوا: اللهم لا. قال فإن بلال بن الحارث يزعم (ذَيْتَ وَذَيْتَ) فقالوا صدق بلال فاستغيث بالله للمسلمين. وكان عمر عن ذلك محصورًا فقال عمر: الله أكبر بلغ البلاء مدته فانكشف، ما أذن لقوم في الطلب إلا وقد رفع عنهم البلاء.