للمباهاة، فأخذ صاحب الأقباض - وعمله أن يكتب كل ما يأتيه من الغنائم - فوجد في الحمل الأول تاج كسرى وجواهره، وفي الحمل الثاني ثيابه وهي موشحة بالذهب منظومة بالدر.
فما زال هذا البطل يبذل إخلاصه وقوته وخبرته ودمه في سبيل الله حتى استشهد سنة ٧٧ هـ (٦٩٦ م) وهو شيخ كبير ولسان حاله يقول:
ولست أبالي حين أقتل مسلما … على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله فإن يشأ … يبارك على أشلاء شلو ممزع
[٤ - الأحنف بن قيس]
هو صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن نزال بن مرة بن عبيد ابن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وأمه من باهلة، ولدته وهو أحنف الرجل فقالت وهي تراقصه:
والله لولا حنف في رجله … ما كان في الحي غلام مثله
يكنى أبا بحر ويلقب أحيانا بالضحاك.
قال: بينما أنا أطوف البيت الحرام، زمن عثمان (رضي الله عنه) إذ لقيني رجل من بني ليث، فأخذ بيدي فقال: ألا أبشرك؟
قلت: بلى.
قال: تذكر إذ بعثني الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى قومك بني سعد، فجعلت أعرض عليهم الإسلام وأدعوهم إليه، فقلت أنت: إنك لتدعو إلى خير وما أسمع إلا حسنا فإني ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم اغفر للأحنف.
فقلت: فما شيء أرجى عندى من ذلك.
ولم يذكر المؤرخون شيئا عن الأحنف في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا في خلافة أبي بكر الصديق، مما يدل على أن الأحنف كان شابا آنذاك ليس له شأن مهم في المجتمع الإسلامي.