للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لا أزال على رحَّالة نهدة … جرداء تلحق بالنجاد إزاري

يومًا على أثر النهاب وتارة … كُتِبَتْ مجاهدة مع الأنصار

وَزُهَاءَ كلّ خميلة أزهقتها … مَهَلَا تَمَهَّلهُ وكل خَبَار

كيما أُغبِّرُ ما بها من حاجة … وتردُّ أني لا أؤوب فَجَارِ (١)

العباس بن مِرْدَاس السُّلَمي

العباس بن مِرْدَاس السُّلَمي"شاعر حُنَيْن"، من الشخصيات البارزة في بني سُلَيْم في الجاهلية والإسلام، هو فارس وشاعر ومن أسرة مرموقة في قومه، وفي يوم حوزة كان شابًّا في مقتبل العمر متميزًا بالحسن، والحسنْ في فتيان بني سُلَيْم صفة مشهورة، وأبوه مِرْدَاس وأمه الخنساء أشهر شواعر العرب، وأبعدها صيتًا في الحسب والنسب والأدب.

وأمه مخضرمة أدركت طرفًا من الجاهلية وأدركت الإسلام، وأسلمت وحسن إسلامها، وهو مثلها في هذه الشمائل. وقيل: بل أمه هند بنت سِنَّة بن سنان بن جارية بن عبد السُّلَمية ولدت (يزيد ذا الرمحين، وهُريمًا، وسراقة، وأنسًا، وهبيرة، وعباسًا) بني مِرْدَاس بن أبي عامر السُّلَمي (٢).

كان لوالد العباس الذي هو "مِرْدَاسِ" صنم اسمه ضماد أو ضِمار (٣)، ولما حضرت الوفاة مرداسًا أوصى (العباسَ) به وبعبادته والقيام عليه، فجعل العباس يأتيه في كلّ يوم وليلة مُرّة، فلما ظهر أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال العباس: (سمعت صوتًا في جوف الليل راعني، فوثبت إلى ضماد فإذا الصوت في جوفه يقول:


(١) سيرة ابن هشام، ص ١١٤، المجلد الرابع.
(٢) المحبر، ص ٤٥٦.
(٣) ليس مِرْدَاس والد العباس هو، السُّلَمي الوحيد الذي عَبَد وسدن صنمًا في الجاهلية، فقد ذكر هشام الكلبي في كتاب الأصنام أن سدنة العُزَّى كانوا بني شيبان بن جابر بن مُرّة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن بُهْثة بن سُلَيْم بن منصور من بني سُلَيْم، وكان آخر من سدنها منهم دبية بن حرمي السُّلَمي فلم تزل العُزَّى كذلك حتى بعث الله نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعابها وغيرها من الأصنام ونهاهم عن عبادتها ونزل القرآن فيها، وفي عام فتح مكة دعا النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خالد بن الوليد فقال له: "انطلق إلى شجرة ببطن نخلة فاعضدها، فانطلق فأخذ دبية فقتله وكان سادنها. ص ٢٢ - ٢٤، طبع المطبعة الأميرية بالقاهرة، ١٣٣٢ هـ - ١٩١٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>