عدنا من رحلة السد فصلينا الجمعة في مسجد يخطب فيه القاضي الشيخ يحيى بن علي الحكمي رئيس محكمة نجران المساعد.
[زيارة أشراف عويرة]
رغبت إلى الشيخ القاضي محمد بن إبراهيم الذي يرافقني -جزاه الله خيرًا- في معظم رحلاتي هنا، في زيارة الأشراف في نجران، فقال: إنه يعرف الشريف أحمد بن محمد بن حسين المشهور بابن طالب، فذهبنا إليه فاستقبلنا في قصره بعويرة، وهو قصر من (اللبن) مكون من أربع طبقات لم نصعده إلا بمشقة، وهو حصين يخيل إلى أنه أمتن بناء من الأسمنت المسلح، غير أن هذا الطراز كان معدًا أيام الغارات والحروب المتتالية، فهو صالح كقلعة للدفاع، وكمسكن للأسرة، وأسفله كن للدواب ومخازن للغلال.
ولا يختلف الأشراف هنا عن بقية الناس إلا بسحنة قلَّ أن تميز، فالشريف أحمد جاءنا لابسًا ثوبًا قصيرًا إلى نصف الساق، وفي وسطه حزام عريض، وهذه الهيئة قريبة من هيئة عامة أهل اليمن الصالحة لسرعة الحركة والرشاقة، وكان معتمًا بعمامة لاثها حول رأسه.
ولقد أخذت عليه أنه -عند سؤاله عن الأشراف في نجران- تحدث عن أسرته الخاصة، وترك بني عمه موهمًا إياي أنهم هم الأشراف الموجودون في نجران، حتى نبهني أحد الأخوة الكرام، فقال: هؤلاء أشراف عويرة فقط، وهناك أشراف صنعاء لم يذكرهم لك، وكنت أظن أن أشراف صنعاء نسبة إلى صنعاء عاصمة بلاد اليمن، ولكن ظهر أنها قرية في نجران، فهم ينسبون إليها، وأشراف عويرة منسوبون إلى قريتهم عويرة، وظهر أن إهمال الشريف أحمد بن طالب لأشراف صنعاء ناتج عن اختلاف المذهب، فقد قيل لي أن ابن طالب وقومه -أشراف عويرة- زيديون، وأن أشراف صنعاء إسماعيليون.