كنت قد عزمت على زيارة شرورى والوديعة، فقيل لي أنه لابد من أخذ إذن من الإمارة، وبعد مغرب هذا اليوم ذهبت بمفردي لمنزل وكيل الإمارة سعادة الشيخ سلطان بن خال السديري، وكان غائبًا فجاء وصلينا معه العشاء، وهناك رأيت عددًا من وجوه نجران منهم الشريف أحمد آنف الذكر، ثم عرضت على سعادة الوكيل رغبتي في زيارة شرورى والوديعة، فخط لي ورقة إلى أمير شرورى الكريم الشهم، وبعد خروجي من الإمارة مررت في الصعيد الذي أصبح مدينة تتلألأ أنوارها فتعشيت في أحد المطاعم التي يديرها اليمنيون، فكان نظيفًا حديث الطراز، ثم عدت إلى منزل الشيخ ابن إبراهيم، فوجدت كل شيء قد أعد لرحلة الغد، واختير لمرافقتي ابنه الثاني (عيسى).
اليوم السادس للرحلة - شرورى والوديعة:
٧ شعبان سنة ١٤٠٠ هـ:
بكرنا في الخامسة صباحًا، أنا وصهري عيسى بن محمد بن إبراهيم، فخرجنا من نجران باتجاه مطلع الشمس، وهو نفس الطريق الذي سلكناه إلى آثار كعبة نجران.
كنا نجتاز الصعيد في الساعة الخامسة والنصف صباحًا، وكانت ذكاء تطل علينا من رراء جبال الأثايب، وكأنها عين سابر أو مراقب جيش، وعلى (٢٣) كيلًا فرق طريق شرورى يمينًا آخذًا إلى الجنوب الشرقي، وتركنا إلى يسارنا الطريق التي تمر بالمطار وتذهب إلى الرياض.
وهنا طالعتنا لوحة كتب عليها:(شروره: ٣٢٠ كم) وهكذا تراها في جميع لوحات الطرق (شروره) وأعتقد أنه غلط، وأن الصواب (شرورى) ولها نظائر عند العرب، فمررنا على جسر يمر تحته سيل وادي نجران، وفي نهايته الجنوبية على ٢٤ كيلًا من نجران تقع قرية الخضراء، وبها مخفر تفتيش، وتكاد تكون الخضراء آخر الحياة مما يلي شرق نجران إلى شرورى، فكل ما بينهما صحراء لا حياة فيها. وهذه الصحراء