هاجرت بعض من بطون جُهَيْنة وأفخاذها من مواطنها بالحجاز إلى (بلاد الرافدين العراق، وإن كنا لا نعرف بأي زمن رحلت ولكن نفترض أنَّها قدمت إلى العراق فاتحة مع جيوش المسلمين، بقيادة سعد بن أبي وقاص القُرشي، وأسهمت في فتح المدائن ثم انتشرت في العراق شمالًا وجنوبًا.
يقول الطبري: (ثم دخلت سنة سبعة عشر ففيها اختطت الكوفة .. إلى أن يقول وأنزل في غرب الصحن بجالة وبجيلة على طريق، وجديلة وأخلاط على طريق، وجهينة على طريق). فكان هذا هو بداية انتشار جُهَيْنة في العراق، ولهذا نجد مَعْلمًا من معالم تلك القبيلة في البصرة وهو وجود مسجد لها.
من أجود البحوث وأجملها التي كُتبت عن جُهَيْنة في مصر والسودان في الوقت الحاضر هو ما كتبه الكاتب المصري الأستاذ إبراهيم الفحام في مجلة الدارة في العدد الثامن من السنة الثالثة.
ولقد عرجت على إيراد هذا البحث في فصل جُهَيْنة من هذا المؤلف كاملًا، ولعل المتبع لتاريخ هذه القبيلة يجد فيه الفائدة والمنفعة، ولقد عاد الكاتب في بحثه إلى مراجع عدة موثوق بها وبتاريخها، وهي من أهم المراجع التاريخية الهامة التي لا يتطرق إليها الشك، وفي هذا البحث يثبت المؤلف حقيقة تاريخية جديدة وهي أن قبيلة جُهَيْنة تصدت لقوات الاحتلال الفرنسي في زمن الحملة الفرنسية، وقد آزرتها بعض الجهات المسلحة التي قدمت من ينبع عبر البحر، ومن الثابت لدينا تاريخيا أنه عندما نادي المنادي في مدن الحجاز وبواديها في أواخر عام ١٨٩٩ م يدعو إلى الجهاد في سبيل تحرير مصر من الفرنسيين تدفق آلاف المهاجرين من ينبع على ميناء القصير للذود عن مصر وبذلوا الكثير من الأموال للمجاهدين، كما خرج الآلاف من أشراف ينبع للجهاد وسجلوا صفحة مُشرِّفة في تاريخ الجهاد وعرَّفهم ضباط الحملة الفرنسية باسم (أشراف ينبع).
وبعمائمهم الخضراء وأجسامهم الضامرة وجرأتهم النادرة، لكن في حين أن قادة الحملة الفرنسية ومؤرخيها أشادوا بجهاد الذين خرجوا من ينبع وسجلوا تفصيلاتهم فإن معظم مؤرخينا مرُّوا وللأسف بهذا الحدث مرورا عابرا، ويقول "كريستوفر هارولد" الذي كتب تاريخًا موثقًا بجهوده خلال وجوده في مصر: أما مصدر الرعب في الإمدادات التي تلقاها مراد بيك زعيم المماليك هو المحاربون عرب الحجاز بقيادة الشريف حسن (شريف - ينبع).