عالج التقرير السري لدائرة الاستخبارات البريطانية الموقف العشائري في منطقة الدليم بعد احتلال بغداد، فأشار إلى أصدقاء الإنكليز من رؤساء بعض العشائر، وسكت عن الشيخ ضاري بلا علة، ويعتبر هذا السكوت في مصلحة ضاري وسمعته المعهودة لأنه عُرف بمناوأته الصريحة لقوات الاحتلال .. وتدل التقارير "والقول لمؤلفي كتاب ضاري" التي كانت في حوزة "لجمن" وهو القائد البريطاني الذي قتله ضاري: على أن الشيخ ضاري كان معروفا بنزعته العدائية للإنكليز في العهد العثماني، وفي زمن الاحتلال وأنه لم يتقرب إلى الحكام السياسيين في يوم من الأيام، ولم يتزلف إليهم، .. وهذا يفيد أن الإنكليز أنفسهم يعرفون أنه كان خصمهم العنيد، فقد ركب ذات يوم حصانه ومعه أخوه شلال وابنه سليمان إلى جسر قراره في جنوب بغداد، واجتمع بالقائد التركي نور الدين في خيمته الخاصة ليعدا خطة الهجوم على الإنكليز، وقد كلف شلال وسليمان بتموين المحاربين، واشترك ضاري في معارك عديدة ضد الإنكليز وأشرف على الأسرى من جنودهم بعد حصار الكُوت، وأسهم في معركة "اصطبلات" الطاحنة بين الأتراك والإنكليز ولاذ بالرمادي، حيث اتصل بالقائد التركي "أحمد بك أوراق" واتفقا على النزول بجانب الجزيرة وهناك تعاون مع الشيخ حردان على مناهضة جيوش الاحتلال، واتصل الإنكليز بعد ذلك بضاري وحردان للمفاوضة على الصلح ولم يؤد هذا الاتصال إلى نتيجة.
حزَّ في نفس "لجمن" وهو سيد البادية حينذاك وكان يسمى نفسه "لجيمان" أن ينطلق ضاري على هواه في سلوكه ضد الإنكليز ويناصبهم العداء ويقاوم تعسفهم وسطوتهم فأراد أن يكبح جماحه ويروضه على الطاعة، فطلب الاجتماع به عدة مرات ولكن ضاري كان يرفض ذلك، وبعد إلحاح من "لجمن" وافق ضاري على مقابلة "لجمن" في خان النقطة وكان يسمى خان ضاري لأنه هو الذي بناه ولكن الإنكليز سموه خان النقطة … جاء ضاري إلى الخان عام ١٩٢٠ م وفي شهر آب منه، معه ولداه خميس وسليمان وأبناء أخيه مجباس: صعب وصليبي وجماعة من أقربائه بينهم دحام الفرحان وعشرون فارسا شجاعا من عشيرته حيث تقابل معه وطالبه "لجمن" بتسليم لفيف من المجرمين الذي ادعى أنهم يسلبون رجاله وأنهم لا يزالون على مقربة من مكانهم، وطلب إليه