للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب إلى الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي رسالة بليغة بَثَّه فيها ما يجيش بخاطره، وما يستدعي آلامه وقلقه، وقد استشهد فيها بأبيات شعرية سوائر تُنَاسِبُ مقتضى الحال، قال:

(أسبغ الله على الأمير كرامته، وأعلى في الجنة درجته، إنَّ العذريَّ قال - أكرم الله الأمير - أبياتًا أعجب بها العلماء، ما فيها مثل يضرب على الأمير في خاصة نفسي، واليسير من التعرض يكفي غيره من التصريح، قال الشاعر:

لذي اللب قبل اليوم ما تُقرع العصا … وما عُلمَ الإنسان إلا ليعلما

وهي:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله … فالقوم أعداءٌ له وخصومُ

كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدًا وبُغْضًا: إنَّه لذميم

يلقى اللبيب مُشَتِّمًا لم يَحْتَرِم … شِيَمَ الرجال، عِرضُه مَشتومُ

وما هذا إلا كما قال زهير:

وأخو التحمي ليس يبرح حاملًا … ذنبًا عليك عرفت أم لم تعرف

وفاته

توفي ابن حبيب في ذي الحجة سنة ٢٣٨ هـ، وقيل سنة ٢٣٩ هـ أو ٢٣٧ هـ إلا ستة أشهر، وقد بلغ ستًا وخمسين سنة، أو ثلاثًا وخمسين، وقبره بقرطبة بمقبرة أم سلمة في قبلة مسجد الضيافة، وصلى عليه ابنه محمد أو يحيى، وكانت وفاته في ولاية الأمير محمد، وقد رثاه أبو عبادة الرشاش ببيتين رواهما القاضي عياض، كما أورد بيتين آخرين رثاه بهما أحمد بن باجي، وخَلَّفَ ابنين، هما: محمد وعبد الله (١).

عبد الله بن عبد الملك بن حبيب السُّلَمي

من أهل إلبيرة في الأندلس، وقد سمع من أبيه، وكان رجلًا صالحًا وله حظ من العلم، حدَّث عنه محمد بن فطيس (٢).


(١) ترتيب المدارك وتقريب المسالك، لمعرفة أعلام مذهب مالك، ص ٣٠ - ٤٨، المجلد الثالث، طبع بيروت. وفي جدوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، ص ٢٥٠، طبع القاهرة أن عبد الملك بن جيب السُّلَمي توفي سنة مائتين ونيف وتسعين.
(٢) المصدر السابق ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>