الصحراء واستولى على مدينة فاس وأخذ أعيانها رهينة لديه، وأثناء عودته خلال العام نفسه قتله ابن عمه الناصر بن علناس عند بلدة تسالة انتقامًا لأخته (تانمرت) التي قد قُتلت بأمر بلكين بعد أن اتهمها بقتل أخيه المقاتل في الجيش وكان زوجًا لها.
[الناصر بن علناس الحمادي الصنهاجي وقتاله للهلالية]
وكان عهد الناصر بن علناس الذي دام من عام ٤٥٤ إلى عام ٤٨١ هجرية (١٠٦٢ - ١٠٨٨ م) عهد انتصار في شتى النواحي وسُمي بالعهد الذهبي لدولة بني حماد، وقد نقل الناصر عاصمته من القلعة التي شيدها جدهم حماد بن بلكين مؤسس الدولة الحمادية إلى ميناء بجاية على شط البحر المتوسط (بالجزائر)، وقد أصبح أميرًا على قسنطينة والجزائر وعنابة ومليانة وحمزة ونكاوس، وقد أوصى بإدارة هذه النواحي إلى أبنائه وإخوانه، ثم بسط رقعة مملكته شرقًا منتهزًا فرصة الشقاق والنزاع اللذين حدثا في ذلك الحين بين قبائل الهلالية، إذ انشقت قبائل عدي والأثبج على قبائل رياح وزُغْبة وبطون عوف من سُلَيْم، انتهز الناصر هذه الفرصة فسعى لضم قبائل عدي والأثبج إلى جانبه وسرعان ما اعتُرف به سلطانًا على القيروان وسوسة وصفاقص وتونس (بلاد تونس)، وقد امتدت سيطرته على تلك النواحي ونصَّبوه حاكمًا عليهم فترة من الزمن، ولقد أفلح خلال عام ٤٥٧ هـ (١٠٦٤ م) في تكوين جيش من بعض القبائل الهلالية الموالية له بعد أن قدمت حشود من عدي والأثبج فروض الطاعة إليه طالبة مساندتها ضد قبائل رياح وزُغبة الهلالية، فرحب الناصر بن علناس بهم وقبل مساندتهم طمعًا في أن يستولي على بعض المدن والنواحي التابعة لتميم بن المعز بن باديس، أو بمعنى أصح تحت سيطرة فعلية لرياح وزُغبة من هلال وبني عوف من سُلَيْم، وزحف الناصر في العام نفسه وانضمت إليه جموع من قبيلة زناته البربرية والتقى بجنود رياح وزُغبة وسُلَيْم فدارت الهزيمة على جموع الناصر بن علناس في سبيطلة (جنوب غربي القيروان)، وقُتل من رجاله عدد كبير ونهبت أمواله ومضاربه وقُتل في المعارك أخوه القاسم بن علناس، ولم يستطع أن يحول دون تدمير إقليمي الزاب والحضنة (في الجزائر) على أيدي جنود قبيلتي رياح وزُغبة الهلاليتين وبني سُلَيْم وحلفائهم من (مغراوة) البربر في طرابلس الذين كان يقودهم المستنصر ابن خزرون.