تاشفين هزمه وقتل عبد الله وملوك ابني أخيه صغير في وادي مينة سنة ٧٧٧ هـ وهلك خالد على فراشه سنة ٧٧٨ هـ.
وخلفه المسعود بن صغير، فكان دون عمه، وافترقت عنه الجموع وتخلى عنهم أبو زيان، وضاقت به السبل فاستأمن لأبي حمو هو وساسي بن سُلَيْم، فأمنهما وقومهما، وعزم على استئصالهم فقبض ذات يوم على المسعود وعشرة من بني عامر بن إبراهيم، وصبح أبو تاشفين أحياء بني يعقوب بسيرات، ثم اعترض فلهم ببني راشد فعظمت النكاية، ونجا ساسي إلى النضر، وشفع أبو العباس سلطان مرين بسعي ونزمار بن عريف في المسعود وجماعته، فسرحهم أبو حمو، وعادوا إلى الخلاف، وضعفت مرين عن صريخهم. فاستصرخوا صاحب تونس أبا العباس الحفصي؛ فوعدهم. ووفد عليه علي بن عمر بن إبراهيم كبير الثائرين على أبي حمو بعد ابن عمه خالد، فلم يزده على المواعيد، وهنالك خضع لأبي حمو فقدمه علي بني عامر، وكان قد استبد برئاسة عامر بعد خلاف خالد بن عامر عمه سُلَيْمان بن إبراهيم ويرادفه عبد الله بن عسكر إلى أن عزله أبو حمو بعلي ابن أخيه فلحق ببني يعقوب النازلين على أبي بكر بن عريف.
هذا ما أفادناه ابن خلدون من أخبار العرب وإننا لنأسف لإغفال من بعده هذا الشأن، فلم نجد حديثًا نصله بحديثه الا نتفا لا تجلي غامضًا وقد تكون رسائل صغيرة مبعثرة في زوايا الوطن لو جمعت لتكونت منها حلقات لهذه السلسلة، غير أننا لم نسمع بها، ولعل الله يبعث في الأمة روحًا علمية فيظهر كل ما لديه من حلقات.
[رؤساء القبائل]
كانت رئاسة البوادي بالجزائر الحفصية لشيوخ من القبائل القوية، وقد مرت أخبار العرب في بابها، وأظهر المعاصرين لهم من البربر هم مليكش وزواوة وصنهاجة وسدويكش وبنو تليلان وريغة وورقلة.
وكان مليكش مستعلين بمتيجة على الثعالبة، وهم تابعون لوالي الجزائر يستقيمون باستقامته وينحرفون بانحرافه، ورفع منزلتهم أبو زكريا يحيى الأول فعقد لشيخهم منصور سنة ٦٤٠ هـ ومنحه أبهة الملوك مزاحمة ليغمراسن بن زيان،