ومر به العبدري سنة ٦٨٩ هـ فرماه باللؤم والبخل وكل نقيصة؛ لكنه شاعر لا تؤخذ عنه الحقائق التاريخية، ولم تزل رئاسة متيجة لبني منصور حتى غلب على الجزائر أبو حمو الزياني سنة ٧١٢ هـ ففروا إلى الحفصيين، وأخذ الثعالبة بعدهم في الظهور.
وكان من زواوه بنو يراتن ذوي سيادة، ورئاستهم في بني عبد الصمد، وشاخت منهم عجوز اسمها شمسي، لها عشرة بنين عظم أمرها بهم، ونزل عليها ابن هيدور من خدام أبي عبد الرحمن بن أبي الحسن المريني مدعيًا أنه أبو عبد الرحمن وداعيًا إلى الثورة على أبيه، وأبو الحسن يومئذ بمتيجة، فسرب الأموال في بنيها وقومها، فأجارته وقامت بدعوته حتى تبين كذبه، فنبذته ولحق بالذواودة.
وكانت عمدة بجاية جنود صنهاجة، ولها إقطاعات بنواحيها ولكبرائها مكانة في الدولة، فكان يعقوب بن خلوف منهم يلقب المزوار ويستخلفه ببجاية أبو زكريا المنتخب، ومات فخلفه ابنه عبد الرحمن واستخلفه خالد الأول لما نهض إلى تونس سنة ٧٠٩ هـ فثبت على ولائه له لما دعا أبو بكر بقسنطينة لنفسه، فزحف له أبو بكر وكانت بينهما معركة، وعاد أبو بكر إلى قسنطينة مفلولا، وانتهبت صنهاجة معسكره واتبعته إلى ميلة وحاصرته بقسنطينة أيامًا ثم عادت إلى بجاية.
وفي هذه المرة ظهر ابن اللحياني بطرابلس محاربًا لخالد الأول فوصل أبو بكر يده به وأوفد عليه حاجبه ابن غمر وتظاهر بنكبته، فصادر منازله وسطا بحاشيته، فعل ذلك كيدا لابن الخلوف، واستيقن ابن الخلوف اختلال أمر خالد وطمع في حجابة أبي بكر، وسفر بينهما عثمان بن سباغ الذوادي وغيره فأحكموا السلم بينهما وعهد أبو بكر بحجابته لابن الخلوف، وارتحل إلى بجاية سنة ٧١٢ هـ فلقيه ابن الخلوف بفرجيوة، ومن الليل غدر به أبو بكر، فقتله وأغذ السير إلى بجاية، فدخلها على حين غفلة، وغضب عثمان بن سباع وصنهاجة لهذه الخيانة فوصلوا أيديهم بأبي حمو الأول الزياني.
ومن زعماء صنهاجة منصور بن إبراهيم بن الحاج، ثار سنة ٧٥٣ هـ على مرين المحتلين ببجاية ولكن كبار البجائيين خشوا سطوة أبي عنان فبعثوا إليه بطاعتهم وأخرجوا منصورًا وحزبه من المدينة فتفرقوا في الجهات ولحق كبراؤهم