للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوجه بآل مرة ويام لنصرة العجمان، وكان الموضف يكف يام أهل الجنوب قاطبة، وقد التحق مع المرضف أهل (حوبة) (١) وهم أهل فلاحة، وكانوا في فصل الخريف، وبما أن نجران وما حولها تكون درجة حرارتها عالية بالنسبة إلى نجد، فقد أحسوا ببرودة الجو كلما تقدموا جهة الشمال، وكانت المسافة طويلة، فما إن انتصفوا في الطريق حتى حلّ الشتاء وكانوا يواصلون المسير ليلا ونهارًا.

وذات ليل قال أهل حوبة فيما بينهم لماذا لا نستأذن الأمير لنستريح بعض الوقت ونوقد النار لنصطلي عليها، فأرسلوا أحدهم لذلك، فأخذ يخوض الجيش والخيل ليقابل الأمير، وكان الأمير في مقدمة القوم فلما لحقهم، رأى الأمير راكبًا فرسه وكان يرافقه ابن سريعة، وكان ابن سريعة (حاسر) الرأس، وكان القمر بدرًا، ويرى انعكاس ضوء القمر على رأس ابن مسريعة، ولما رأى ذلك رجع. ولما قدم إلى قومه سألوه عما إذا كان استأذن الأمير أم لا؟ فقال "لا" وأخبرهم عما رأى من ابن سريعة وقال "حصلت رجال ما جات به حوبة" أي أن هذا الرجل لا يحس بالبرد مثل أهل حوبة.

[مقولة]

يرقد سمين العين في ضف غيره … وذي سواه من كف الهموم ينام

كان الغيهبان، واسمه (حمد) (٢) في نشأته أبله، وكان مسفهًا بنفسه، وكان أخوه الأكبر يدعى (علي)، وكان أخوه هو من تكفل به وبشؤون والدتهما المسنة، فإذا جاء وقت الرحيل أخذ الغيهبان عباءته ثم نام على المراح، أما عليًا فيقوم بالحمل على الجمال وطي البيت ثم يركب والدته على البعير ويقوده بها، وإذا نزل منزلا جديدًا قام ببناء البيت وجلب الحطب وأشعل النار وعمل القهوة لأمه، وكانت أمه لا تشرب القهوة إلا بوجود الغيهبان، وذات مرة وفضت أن تشرب القهوة إلا بحضور حمد فقال لها علي: "يا والدتي أنت تعرفين حمد، هو الآن


(١) حوبة: منطقة زراعية في نجران.
(٢) الغيهبان: هو عقيد وشاعر وحكيم، عاش في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تقريبًا وهو حمد بن هادي بن حمد بن علي بن جابر بن سعيد بن شيب بن مرة، أما سبب كنيته بالغيهبان؛ فقد كان منذ طفولته وفي شبابه شبه مخبول؛ وقد بلغ سن الشباب وهو يلعب ويلهو مع الأطفال جاعلا من جذع شجرة فرسًا يركبه ويسحبه خلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>