للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ثقيف في الإسلام]

أنا من الذين يعتبرون أن فجر الطائف قد بزغ نوره الحقيقي مع الرحلة الأولى التي رحلها هادي البشرية من شعاب مكة إلى بساتين الطائف، فوطئت قدماه الطاهرتان هذه البقعة الوثنية، وما اختياره - صلى الله عليه وسلم - للطائف وقد ضاقت به السبل، واحتدت عليه المصائب، وضنكه البلاء بوفاة عمه أبي طالب، ووفاة زوجته خديجة، إلا بشرى لثقيف بهذا الدين النير، وهذا الرسول المبشر، حتى وإن أبت ثقيف هذا الفضل المبكر الذي خصها به الله سبحانه بعد مكة، واختصها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين سائر البقاع والأصقاع، حتى وإن أخذت في استمرار عنادها وصلفها وكبريائها، فإن الاختصاص النبوي للطائف وثقيف، له دلالاته العظمى التي ظهرت يوم وفاته - صلى الله عليه وسلم - يوم ارتدت قبائل العرب فثبتت ثقيف، ويوم أخذ رجالها يحملون الرسالة قادة وحكامًا وجنودًا ومعلمين، في العراق والبحرين والسند والهند والشام والشمال الإفريقي والأندلسي.

هل بدأ إسلام ثقيف يوم ارتحل إليها المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؟. بل بدأ النور يشرق على ثقيف والطائف مع هذه الرحلة المباركة، وهذا خبر هذه الرحلة عند ابن هشام (١): (لما انتهى - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف، عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف، وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة: عبد ياليل ومسعود وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جُمَح، فجلس إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال له أحدهم: هو يمرط (٢) ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: لئن كنت


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٤١٩ - ٤٢١. ونهاية الإرب في فنون الأدب ١٦/ ٢٨١.
(٢) يمرطه: ينزعه ويرمي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>