للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسولًا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت كاذبًا فلا أتعب نفسي معك. وفي رواية لابن سعد (١).

وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثقيف كتابًا أن لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - على ما كتب لهم، وكتب خالد بن سعيد وشهد الحسن والحسين ودفع الكتاب إلى نمير بن خرشفة.

وينقل ابن سعد رواية للمغيرة تدلل على صدق إسلام ثقيف وإخلاصهم وقوة إيمانهم فيقول (٢): (فدخلوا في الإسلام فلا أعلم قومًا من العرب بني أب ولا قبيلة كانوا أصح إسلامًا ولا أبعد أن يوجد فيهم غش لله ولكتابه منهم).

وهذا أيضًا يفسر كيف وقفوا في وجه موجات الردة التي حدثت بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فصمدوا لا يرتدون ولكن فيهم رسل وقادة لمحاربة المرتدين.

وكما رأينا فإن إسلام ثقيف أتى متأخرًا بعض الشيء، فقد استجاب الله سبحانه وتعالى دعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يهدي ثقيفًا ويأتي بهم، فأتوا طائفين مسلمين في العام التاسع للهجرة.

وكان انقيادهم للإسلام عن قناعة تامة طواعية بعد أن ثبت لهم صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعظمة رسالته التي جاء بها لقومه ولكافة العرب بل وكافة الأمم على الأرض، فآمنوا إيمانًا صادقًا لم يتزحزح بوفاة صاحب هذه الرسالة بعد عامين من إسلامهم، في حين ارتدت قبائل وأمم بل معظم قبائل الجزيرة العربية انقسموا بين مرتد عن الإسلام ومانع للزكاة وتارك للصلاة ومدعين لنبوة جديدة، كما حدث من مسيلمة الكذاب من بني حنيفة (٣) ومن الأسود العنسي المَذْحجي


(١) المصباح المضيء ١/ ٢١٦.
(٢) الطبقات ١/ ٣١٣/ ٣١٤.
(٣) الأعلام ٧/ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>