للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من اليمن (١). بل إن ثقيفًا ثبتت على الإسلام، وقالوا مع واليهم عثمان بن أبي العاص الذي عينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم، قالوا: يا أبناء ثقيف كنتم آخر من أسلم فلا تكونوا أول من ارتد (٢).

هذه الوقفة العظيمة من ثقيف دعمت الخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - وهو يؤسس دولة الخلافة ويسيِّر الجيوش العظيمة في أنحاء بلاد العرب لحرب مدعي النبوة وردعهم عن غيهم، وتأديب المرتدين ونصرة هذا الدين الذي أنكروه بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. لقد أَمِنَ الخليفة الأول وهو يتحرك هذا التحرك الحربي والسياسي لكون قريش وثقيف في صفة هما أكبر قبائل العرب وأعتاها ولهذا كانت حروبه موفقة وجيوشه مظفرة فنصر الله به الدين يوم نصره الله والدين.

لقد تفرغ الثقفيون بعد إسلامهم إلى التشبع بتعاليم هذا الدين الحنيف، يساعدهم في ذلك موقع بلدهم المعطاء، وما نالوه من تقدير واحترام من كافة خلفاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفاء بني أمية. وهذا ما يفسر ظهور قادة عظام وحكام وفرسان في كل قطر تصل إليه جويش الفتح.

بل كان أثرهم واضحًا في التاريخ والأدب والطب مثلما برز في العسكرية، يقول الدكتور/ محمد حسين هيكل (٣) (ومن يقرأ كتب الآداب وسيرة النبي العربي ومن عني بتاريخ بلاد العرب يجد تباينًا بين مكة والطائف وأقله خصب الطائف وأمحال مكة وما ترتب عليه من أثر في الرجال فالعرب الذين تركوا على مر التاريخ الإسلامي ذكر أكثرهم من ثقيف وهوازن وأقلهم من مكة والحجاز) (٤).


(١) الأعلام ٥/ ١١١.
(٢) الطائف في العصر الجاهلي وصدر الإسلام ١١٥.
(٣) في منزل الوحي ٣٢٩.
(٤) كان خصب الطائف وطيب مُنَاخها سببًا في ذكاء وفطنة كثير من رجال ثقيف - فقد أورد الشيخ أحمد الغزاوي في شذراته ٣٠، ٣١ قصة المغيرة بن شعبة يوم صرف بذكائه وفطنته عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن خطبة أم كلثوم بنت أبي بكر لأن عائشة رضي الله عنها لم ترغبه وقال الغزاوي رحمه الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>