للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانت ثقيف مؤهلة لمثل هذا الدور التاريخي العظيم في الدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والدولة الأموية وحتى العباسية.

فقد كانت أصلب القبائل العربية وأقواها في الحق، وكانت تتحدث بلسان فصيح ليس أدل على ذلك من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البلغاء وأكرمهم قد استرضع في نواحي ديارهم ببني سعد من هوازن.

وكان تاريخها ينطق بأن هذا الرسول الأمين الذي عاش في بني سعد أربع سنوات وهو صغير قد آنس لثقيف في أصعب موقف يترصد له يوم توفى عمه أبو طالب وتوفيت زوجه خديجة وصم القرشيون عنه آذانهم، بل اشتدوا في إيذائه، فتوجه إلى ثقيف - إلى الطائف يطلب الفرج الذي لم يحن وقته وكان لصلابة ثقيف مشيئة أرادها الله، ثم يشهد لهم التاريخ بأنهم لم يتعرضوا لحرب معلنة مع الرسول، ولا سلب ولم يأذن الله سبحانه وتعالى فيهم بل أتوا طائعين مناقدين استجابة لدعوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي دعا لهم ولم يدعو عليهم، يوم طلب منه ذلك.

وكان وضعهم الاقتصادي يؤهلهم لهذا الدور، فقد كانت بلدهم كما مر بنا من أغنى بقع جزيرة العرب وأعظمها أمنًا.

ونعود للسان ثقيف فلغتهم من لغة قريش فصيحة، تعلمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بني سعد وقد نزل القرآن على سبع لغات منها لغة ثقيف، يقول ابن عباس (١) رضي الله عنه: نزل القرآن على سبعة أحرف - أو قال سبع لغات - منها خمس بلغة العجز من هوازن وهم الذين يقال لهم عليا هوازن وهي خمس قبائل أو أربع منها سعد بن بكر وجُشَم بن بكر ونصر بن معاوية وثقيف.


= [وما زال في هذا القبيل من ثقيف بقية من الذكاء الخارق والفصاحة النادرة وما أحسبهم إذا تعلموا إلا أفذاذًا عباقرة وآسادًا قساورة وكل آتٍ قريب].
(١) الصاحبي ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>