شفى النفسَ حتى ليس فيها حسافةٌ … فأمست بيوت الشعر حادٍ نشيدها
بعدوة أبطال من أحجن غادروا … حليلة مسروح طويلا حدودها
وكم من فتاة طلقتها سيوفنا … فأمسى يُقضُّ للذهاب عمودُها
حدَّت المرأة تحدُّ حدودًا، وأحدَّت بالألف.
وللهبي يقولها لغامد:
ألا يا بني نُعم تركتم أثورَكم … على بطل مُستنظر غير حامد
أبي الضيم منكم واحتمى دون راية … من أسلم أبطالٌ طوال السواعد
فنحن إذن مثلانِ نحن وأنتمُ … إذا ما قتلنا آمنًا وهو راقدُ
متى تغد منَّا عُصبة لا تورِّها … مجرَّبةٌ ضرَّابةٌ للمعاضد
بأيمانها خضرٌ تعاشى طبيبُها … كما يتعاشى الأرمدُ المتساندُ
مجرَّبةٌ هنديّة لحدودها … إذا صدرت عن مستغار عوانِدِ
ولا ندري متى وقعت هذه الحوادث التي أشار إليها الهجري، ولا نستبعد أن تكون قريبة من عهده، لأن عنايته مُنْصبَّة في الغالب على تدوين ما هو قريب من زمنه.
ومعلوم أن الإسلام أزال معالم الجاهلية، وطمس كثيرًا من أحوالها، ولئن أصبحت بعض القبائل مغمورة في العهد الجاهلي، فقد ارتفع لها في العهد الإسلامي من علو الذكر وبُعْد الصيت ما فاقت به قبائل نابهة الذكر في العصر الجاهلي، وكفى بالإسلام فخرًا.
[وقال عن غامد وزهران في العهد الإسلامي]
كانت قبيلتنا غامد وزهران (ودوس منها) من أسرع القبائل مبادرة إلى قبول الإسلام. فقد قدم من دوس الطفيل بن عمرو مكة فاجتمع بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فعرض عليه الإسلام -كما سيأتي تفصيل هذا- ثم عاد إلى السراة يدعو إلى الإسلام.
وكان لقبيلة دوس منزلة رفيعة لدى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وما ذلك إلا لما اتصفت به من الصفات الفاضلة، وتحلت به من الأخلاق الكريمة، وقد وردت آثار مشوبة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في فضل هذه القبيلة، منها: