أولًا: أن قاعدة النسب الأولى هي أن القوم مؤمنون على أنسابهم وهذه القاعدة لَمْ تختلف سواء كانت في زمن ابن الكلبي المتوفى عام ٢٠٤ هجرية والذي أخذ أخبار الأنساب من أفواه القبائل ودونها أم الزمن الحالي، والدواسر من كان من باديتهم والمنتشرون من أطراف نجران والربع الخالي إلى الخرج ونواحيه والأسر التي تحضرت واستقرت وعمرت بلدان في نجد مثل الغاط وجلاجل والعودة وثادق والبير ودقلة والقرينة والصفرات المعشبة والشماس والشماسية وغيرها، كما أن لهم عددًا كبيرًا في بعض المدن الأخرى مثل الزلفي والروضة يرون أنهم يرجعون لزايد الملطوم ابن ملك اليمن ويوردون في الأخبار المتناقلة لديهم خبر الرؤيا التي رأى فيها ملك اليمن الجرذ الذي يحفر في أساسيات السد وخبر الكاهن الذي فسر هذه الرؤيا تعني أن السد سوف ينهار بعد مدة وخبر اتفاقه مع ابنه زايد على افتعال نقاش وهمي بهم الأب أن يلطم ابنه وما تلا ذلك من خروج الابن ومغادرته مأرب وبعد فترة يبيع الملك أملاكه بحجة اللحاق بابنه زايد وهو الجامع لأفخاذهم والذي يرجعون زمنه إلى انهيار السد في مأرب، وخبره متناقل لديهم من الأجداد إلى الأحفاد ولا يحيدون عن ذلك. هذا ما حفظه الدواسر عن أجدادهم.
وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ القديمة مثل السيرة النبوية لابن هشام المتوفى عام ٢١٣ هجرية وكذلك كتاب البداية والنهاية للإمام المحدث الفقيه ابن كثير وكذلك كتاب الكامل في التاريخ للإمام العلَّامة ابن الأثير وكذلك كتاب الإمام الطبري وفي مروج الذهب للمسعودي وغيرها وهذه الكتب تورد رواية الملطوم كما ذكرها الدواسر عدا أنَّها تذكر تفصيلات أخرى مثل الملطوم هو عمر بن عامر وهو ملك اليمن ويطلق عليه ملك سبأ وأطلق عليه مزيقياء لأنه كانت تنسج له ثلاثمائة وستون حلة في السنة فإذا أراد الدخول إلى مجلسه رمى الحلة السابقة ولبس جديدة، وقد ورث الملك من أبيه عامر ماء السماء، وسمي ماء السماء لأنه كان يقوم في أيام القحط مقام ماء المطر فيعطي النّاس ما يسد حاجتهم فلا يحسون بما يترتب على توقف المطر، وكان لمزيقياء أملاك عظيمة لَمْ يكن لأحد من تبابعة اليمن مثلها، وكانت مأرب في العاصمة وفيها السد العظيم وكان فيها بساتين