وقال الدكتور العثيمين:(ومن المستبعد جدًّا أن يتضاعف عدد أولئك السكان أربع مرات خلال عشرين سنة) وقد بني هذا الرأي على أنَّ الفترة لا تختلف عن فترات القرن الثالث عشر الهجري وما شهدته من حروب وأمراض.
وأقول: إن التقدير الأول (والين) غير دقيق، فعدد البيوت لا يمثل عدد الأفراد، فالنّاس حينذاك يسكنون معا وقد بلغت بعض الأسر في حائل إلى عهد قريب إلى ما يقارب الخمسين شخصا وكلهم في بيت واحد، كما أن التقدير الثاني قد يكون هو الآخر غير دقيق؛ إذ لا أعتقد أن عدد السكان قد وصل إلى ذلك الرقم في فترة حكم طلال بن عبد الله آل رشيد، ومع هذا فإن الرقم الأول الذي حدده والين كاف لجعل المدن والقرى تعيش شيئًا من الاستقرار والتحضر والنمو الاجتماعي وكانت حائل مدينة تحتل مكانا بين كبريات المدن النجدية وازداد عدد سكانها ازديادا ملحوظا في فترة حكم طلال ومن بعده وتعددت فيها أوجه النشاط الإنساني ووسائل الكسب والعمل فكانت الزراعة من المهن التي يقبل عليها كل من يرغبها حيث ليس هناك من يستهجن هذه الحرفة؛ ولهذا فقد نشطت الزراعة لمن توفر لديه مقوماتها وأولها الأرض والقدرة على فلاحتها وبتوفير المتطلبات البشر والحيوانات اللازمة، وتحتل تربية الثروة الحيوانية جانبا هاما في حياة السكان، فالثروة الحيوانية كالخيل والإبل والضأن والماعز من أوجه الثروة التي عني بها سكان الجزيرة منذ القدم وإلى هذا العصر، والحرف الأخرى كالصناعة والتجارة والصياغة والبناء والخرازة، كل هذه من الحرف التي ازدهرت وأصبح لها شأن وذلك للحاجة إليها، فالمثل يقول (الحاجة أم الاختراع) ولندرة المنافسة حيث لَمْ يتسع أسلوب التبادل التجاري المعروف حاليًا بين الأقطار لبعد المسافات بين الأمصار والاعتماد على الحيوانات كوسائل النقل ولا يعني ذلك عدم وجود تبادل تجاري فهذا كان موجودا بين حائل والعراق والشام ومصر على هيئة قوافل كبيرة محروسة وهذا أمر مألوف من القدم، ولقد ذكر القرآن الكريم رحلتي الشتاء والصيف التي كانت تقوم بها قوافل قريش وتجار مكة واحدة لليمن والأخرى للشام والحجاز وإن كان أهمها التبادل مع العراق؛ إذ كان المصدر الأول للتزود في الحبوب والتمر (الصقعي) والأقمشة والمصنوعات النحاسية وغير ذلك من مستلزمات الحياة حينذاك.
من حكم جبل شمَّر؟
أشرت في فصل سابق إلى من تولى السلطة في جبل شمَّر عبر الأزمنة ولم أحدد بعض الفترات التي لَمْ أجد لها سندا دقيقا يعول إليه في نسب السلطة