للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواعث همته قيامه مع أترابه بمطاردة القبائل التي كانت تضيق الخناق على رعاة الجبل وتستأثر بمراعيها ثم تلا ذلك مغامراته وأسفاره وحروبه حتى حقق بغيته في إقامة إمارة تحمل اسم أسرته "آل رشيد"، ومن الثابت تاريخيا أنه ارتبط بالدولة السعودية الثانية وناصرها بكل إمكانيات إمارته ولاسيما في أيام محنتها وتسلط القوات المصرية عليها، وقد تمثلت تلك المناصرة بمواقف عديدة كالاشتراك في القضاء على مشاري بن عبد الرَّحمن الذي دبر اغتيال الإمام تركي واستولى على الحكم في الرياض - ثم الوقوف مع الإمام فيصل بن تركي في كل مراحل صراعه ضد التسلط المصري التركي كما حفلت بذلك شتى المراجع التاريخية (١) ورددها الرواة وأيدتها الأشعار العامية التي مازالت ترددها الألسن.

أما حائل المدينة فقد كانت حينذاك مدينة تعج بالحياة والنشاط ويقصدها النّاس من كل مدن وقرى نجد ومن مختلف القبائل للإقامة أو للعمل، وقد ذكر المسنون أن معظم الأسر التي استوطنتها حينذاك قدمت من مختلف مدن نجد ولا غرو في ذلك، فهذه سنة الحياة فالإنسان منذ الأزل ينتقل من أرض إلى أخرى بحثًا عن الأمن ولقمة العيش، والمملكة العربية السعودية منذ أن تم توحيدها على يد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - كانت قبلة يتطلع إليها الكثير من طالبي العيش بأمن واستقرار وإلى هذا العهد الميمون وهي مثال حقيقي على ذلك.

ومن حيث اتساعها وعدد أسرها المتحضرة في آخر عهد الأمير عبد الله بن رشيد فإنه بلا شك عدد مقبول في ظل ظروف كظرف حائل حينذاك حيث توافر الأمن وبدأ أثر الرخاء يشجع البادية على التحضُّر كما يغري بعض الأسر على الاستيطان بحائل، أما من حيث العدد فقد كانت هناك روايتان لرحالين أجنبيين الأول هو والين الذي زارها في آخر عهد الأمير عبد الله بن رشيد وقال: إن عدد حاضرة منطقة جبل شمَّر كان ضعف بادينها، كما أشار إلى ازدياد عملية استقرار البادية، وقدر عدد الأسر بحوالي ثلاثة آلاف أسرة (٢) مما يقارب عشرين ألف إنسان.

والرحَّالة الثاني هو جو رماني الذي زار حائل بعد والين بما يقارب عشرين سنة وقال خلاف الأول بتحديد نسبة الحاضرة للبادية؛ إذ قال: إن البادية أكثر من الحاضرة، وقد قدر الحاضرة بخمسة وستين ألف نسمة.


(١) ابن عثيمين - نشأة إمارة آل رشيد، ابن عُقيل - تاريخ نجد في عصور العامية، ابن بشر - تاريخ نجد، موزل، والين، ابن بسام.
(٢) ابن عثيمين - نشاة إمارة آل رشيد - ط ٢، ص ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>