للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزى الله خيرًا قومنا إذ دعاهم … بِعَدْنِيَّةَ الحيُّ الخُلُوف المُصبَّحُ

وغلمانُنا كانوا أسُودَ خفية … وحَقَّ علينا أن يُثابُوا ويُمدحوا

همُ نَفَّرُوا أقرانهم بِمُضَرَّسٍ … وسَعْرٍ وذادوا الجيش حتى تزحزحوا

كأنهم إذ يُطْرَدُون عشية … بِقُنَّةِ مِلْحَانٍ، نعام مروَّح (١)

ومِلْحَانُ الذي تُنسب إليه هذه المعركة هو جبل في ديار بني سُلَيْم.

يوم الكَديِد

وقع نزاع بين نفرِ من سُلَيْم، ونفرٍ من بني فِراس بن مالك بن كِنانة، فقتلت بنو فِراس رجلين من بني سُلَيْم، ثم إنهما وَدَوْهما - أعطوا ديتهما - ثم ضرب الدهر ضربته، فخرج نبيشة بن حبيب السُّلَمِى غاريًا، فلقى ظُعُنًا - نساءً في الهوادج - من بني كِنانة بالكديد، ومعهنَّ قَوْمُهُنَّ من بني فِراس، وفيهم عبد الله بن جِذل الطَّعَّان، والحارث بن مكدم، فلما رآهم الحارث قال: هؤلاء بنو سُلَيْم يطلبون دماءهم، فقال أخوه ربيعة: أنا أذهب حتى أعلم علم القوم، فآتيكم بخبرهم، وتوجه نحوهم، فلما ولَّى قال بعض الظُّعنِ: هرب ربيعة، فقالت أخته عزة بنت المكدم: أين ترة - نفرة - الفتى؟ فعطف - وقد سمع قول النساء - فقال:

لقد عَلِمْنَ أنني غير فَرِقْ … لأَطْعَنَنَّ طعنةً وأعتنقْ

أُصْبِحُهُمْ صاح بمحمر الحدقْ … عَضْبًا حُسامًا وسِنانًا يأْتَلِقْ

ثم انطلق يعدو به فرسه، فحمل عليه بعض القوم، فاستطرد - تقهقر - له في طريق الظُّعنِ، وانفرد به رجل من القوم فقتله وتبعه، ثم رماه نبيشة أو طعنه، فلحق بالظُّعُنِ يستدمي حتى انتهى إلى أمه أم سنان (٢) فقال: اجعلي على يدي عصابة، وهو يرتجز:


(١) العقد الفريد، لابن عبد ربه، ص ١٦٦ و ١٦٧، المجلد الخامس، طبع مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر، وفي العقد الفريد هذا ما نصه: (وسعر وذو الجيش حتى تزحزحوا)، وقد وضعنا (وذادوا) بدلًا من (ذو) لاقتضاء القافية وسياق الكلام لهذا التعديل.
(٢) هكذا ورد اسمها في بعض المراجع، ولكننا نرى ابنها يكنيها بـ (أم سيار)، فلابد أن غلطًا نسخيا أو مطبعيا قد حرف اسمها من (أم سيار) إلى (أم سنان)، هذا إذا لم يكن لها ابن آخر اسمه (سنان) يُكنى به أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>