عندما أنزل الله آدم من السماء قيل أنه أنزل حواء بعيدًا عنه وعندما وصلا إلى الأرض أحس كل منهما بالوحشة وحاجته إلى إنسان يسكِّن روعه ويشاطره السراء والضراء.
وعندما صار لهما أبناء أصبح الكل محتاج إلى أسرة لتشد أزره وتساعده في شئون الحياة.
وهكذا كبر المجتمع وكبرت حاجته إلى التكتل والتآلف وخاصة حيث يسود الأمن ويصبح الزند هو الذائد الحامي للذمار، حتى أننا نرى أكبر الدول وأعظمها لا تألو جهدًا في ضم دول كثيرة إليها في معاهدات اتخذوا لها أسماء شتى.
ومن هذا المجتمع القبلية العربية، لقد عرفت القبائل العربية الأحلاف وعرفنا ذلك عنها في أقصى ما وصلنا من أخبارها.
وعندما جاءت بنو حرب إلى الحجاز - كما أسلفنا - كانت قليلة العدد دخيلة وافدة، ويظهر أنها نزلت أول ما نزلت في طريقها سراة (شبابة) جنوب الطائف وهي السراة التي تنزلها اليوم قبيلتا بني مالك وبلحارث أو هي جزء منها، وقد قرأت في أحد الكتب - لا أذكره الآن ولعله تأريخ ابن خلدون - أن شبابة هذه من بني هلال بن عامر من هوزان. وكانت بنو هلال في ذلك التأريخ قد وصلت قمة مجدها وابتلعت الديار والقبائل بين بيشة ومعدن بني سُلَيْم، فلا يستبعد والحالة هذه أن بني حرب انضمت إلى شبابة هذه، وقد ذكر الحمداني ونقل عنه القلقشندي أن حربًا هؤلاء بطن من هلال بن عامر: