ويطلق عليهم البشاريون في جنوب مصر، وأكثرهم في السودان، وهم مثل العبابدة يدَّعون النسب للزبير بن العوام القُرشي، ويقولون: إن جدهم كاهل جد الكواهلة الذين يقطنون في كردفان بالسودان، ويقال إن كاهل أعقب ثلاثة عشر ولدًا وأحدهم يُسمى بشار جد البشاريين، وهم يعتبرون بلدان أسوان ودراو جنوب مصر أسواقهم للبيع والشراء، وهم ثلاث فرق واحدة على البحر الأحمر من القصير شمالًا حتى سواكن في السودان جنوبًا، والثانية على نهر عطبرة بالسودان، والثالثة في جزيرة عنتباي، وفي كل فرقة بدينات أي عشائر، أما بطون البشارية التي تقطن في القطر المصري: الحمدوراب، والشتديراب وهم ينتشرون على الساحل وفي الوديان من البحر الأحمر إلى بلدة العلاقي غربًا، ومن أجدادهم كوكا أحد الأولياء الذي كان يقضي بعض أوقات الصيف عند جبل علبة والشتاء عند فم وادي العلاقي، وتدور حوله روايات عديدة لم نتمكن من تحقيقها.
والحمدوراب البشارية يستوطنون في أجمل منطقة للمراعي عند جبل علبة وعلى السهل الساحلي من بئر الشلاتين إلى حدود السودان عند الخط ٢٢ تقريبًا، والعائلة الحاكمة في البشارية تُدعى (بطر أناب) نسبة إلى العمدة بطران على تويف.
أما كوكا جد البشارية المزعوم يسكن جبل علبة (١) ويعتبر هذا الجبل منطقة مقدسة وتجارية بالنسبة لقبائل البشارية ولا يزالون يعتقدون أن وليهم المدعو كوكا لوانكو الذين يدَّعون أنه انقلب إلى حجر صوان وأنه موجود في إحدى مغارات الجبل، وأن ريحًا موسمية شديدة الحرارة تهب من هناك، ولكن كثيرين من المستكشفين والبُحَّاث والرُّحَّال ومنهم مستر مري ويكيفوند تسلقوا الجبل وبحثوا عنه فلم يعثروا عليه، وكما يعتقدون أن كوكا المذكور كان يعيش تحت أقدامهم العليَّة، وله تجارة تمتد إلى وادي العلاقي شرق النيل وهم يعدُّون به إلى أكثر من ثمانية قرون، ومن نسل كوكا أو نسل أخته ظهر الجد الذي تسلسلت منه قبائلهم الحالية ويسمونه إنكو.
(١) جبل علبة: يقع في الحدود بين مصر والسودان على ساحل البحر الأحمر وإلى الشرق منه بلدة حلايب الساحلية المصرية.