للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت لأبي الشيص جارية سوداء اسمها تبر وكان يتعشقها وفيها يقول:

لَمْ تُنْصِفي يَا سَمَيَّةُ الذَّهَبُ … تَتْلَفُ نَفْسِي وَأَنْتَ فِي لَعبِ

يَا ابْنَةَ عمّ المسك الذَّكيِّ وَمَنْ … لولاك لم يُتَّحدْ وَلَمْ يَطِبْ

نَاسَبَكِ المسك في السّوادِ وفي الريـ … ـــحِ فَأَكْرِمْ بِذَاكَ مِنْ نَسَبِ (١)

[نهاية الشاعر]

كان أبو الشيص عند عقبة بن جعفر بن الأشعث الخزاعي يشرب، فلما ثمل نام عنده، ثم انتبه في بعض الليل فذهب يدب إلى خادم له، فوجأه بسكين، فقال له: ويحك قتلتني واللَّه، وما أحب أن أفتضح أني قتلت في مثل هذا ولا تفتضح أنت بي، ولكن خذ دستجه (٢) فاكسرها ولونها بدمي واجعل زجاجها في الجرح، فإذا سئلت عن خبري فقل: إني سقطت في سكري على الدستجة فانكسرت فقتلتني، ومات من ساعته، فلما كان بعد أيام سكر الخادم فصدق عقبة عن خبره وأنه هو قتله، فلم يلبثه أن قام إليه بسيفه فلم يزل يضربه حتى قتله.

محمد (*) بن عبد اللَّه الخزاعي

هو محمد بن عبد اللَّه بن طاهر بن الحسن بن مصعب، أبو العباس الخزاعي بالولاء كان شيخا فاضلا، وأديبًا شاعرًا، وهو أمير، ولي إمارة بغداد في أيام المتوكل، وكان مألفًا لأها العلم والأدب، وقد أسند حديثًا عن أبي الصلت الهروي.

عزم محمد بن عبد اللَّه بن طاهر على الحج، فخرجت إليه جارية شاعرة فبكت لما رأت السفر، فقال:

دَمْعَةٌ كَاللُّؤْلُؤِ الرَّطْـ … ــــبِ عَلَى الخَدِّ الأَسْيِلْ (٣)

هَطَلْتُ فِي سَاعَةِ الْبَيِّـ … ـــــنِ مِنْ الطَّرَفِ الكَحِيلْ (٤)


(١) الأغاني ١٦/ ٣٢٥.
(٢) الدستجه: إناء كبير من الزجاج، الأغاني ١٦/ ٣٢٦.
(*) تاريخ بغداد ٥/ ٤١٨.
(٣) أَسُلَ الخَدُّ - أسالَةً: مَلُسَ ولانَ واستوى، فهو أَسيلٌ وهي أسيلَةٌ.
(٤) الكحيل والكَحْلاءُ: الشَّديدة سواد العين، أو التي كأنَّها مكحولةٌ وإن لم تُكحلْ. وكَحِلَتِ العينُ - كحلًا: اسودَّت أجفانُها خِلقةً ويقال: فهو أكحل وهي كحلاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>