ثانيا: أصبحت مناطق شرقي النيل أكثر مناطق الاستقرار، أما مناطق غربي النيل فلم تكن مناطق جذب كثيرة للعبابدة اللهم إلَّا في منطقة إدفو، وذلك راجع إلى مرحلة استقرار متقدمة التزمت بالمناطق الزراعية وبخاصة في منطقة إدفو غربي النيل.
ثالثا: أن الكثير من مناطق الاستقرار السابق ذكرها في شرقي النيل يقع على بدايات الطرق والأودية التي تعبر الصحراء الشرقية مثل منطقة الأقصر وقوص وإدفو شرق ودراو والعلاقي وسيالة وكرسكو (١).
[مجتمع العبابدة]
قد يكون من الصعب الحديث عن طبقات داخل مجتمع العبابدة لأنَّ التطورات الاقتصادية والاجتماعية داخل هذا المجتمع اختلفت تمامًا عن مجتمعات أوروبا التي أخذت بهذه التقسيمات، ولكن مع ذلك يمكن الحديث عن شيء من التمايز الاجتماعي داخل هذا المجتمع على النحو التالي:
١ - المشايخ ورؤساء القبائل:
يمكننا أن نضع المشايخ ورؤساء القبائل في أعلى السلم الاجتماعي عند العبابدة. وعادة ما يكون هؤلاء المشايخ والرؤساء من بين أكبر القبائل حجما وثروة وجاها. وتنحصر وظيفتهم في إدارة شئون القبيلة ولا سيما مسألة التحكيم بين أفراد القبيلة في المشاجرات والاختلافات التي تنشا دخل أفرادها، وهي غالبًا ما تكون بسبب المرعى والحيوانات. فالحياة في الصحراء مرتبطة بسقوط الأمطار، وسقوطها في مكان دون الآخر الأمر الذي يجعل الرعاة يتكدسون في بقعة دون أخرى فيحدث الاحتكاك والتلاحم والشجار.
والواقع أن مهمة هؤلاء المشايخ ورؤساء القبائل كانت سهلة إلى حد كبير، فنزاعات القبائل نادرة جدًّا، فالصحراء شاسعة تسع الجميع وعوامل الالتصاق والتجمع نادرة جدًّا، الأمر الذي طبع رجال العبابدة وجيرانهم من سكان الصحراء بطابع الهدوء والأمانة الشديدة فلا سرقات ولا حوادث قتل.