للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحليل التاريخي عن بني هتيم واشتراكهم مع القرامطة في غزو عسير]

قلت: بتحليل ما ورد في نص إمتاع السامر، نجد أن صاحبه قد أضاف شيئًا هاما ومفيدًا عن عرب هُتيم، ألا وهو استمرارهم في مؤازرة القرامطة حتى آخر عهدهم، خلاف غيرهم من فروع بني كلاب وسائر بني عامر بن صعصعة؛ الذين أداروا ظهرهم مبكرًا للقرامطة، وقد انتقلوا إلى الديار المصرية في كنف الخلافة الفاطمية قبل نهاية القرن الرابع للهجرة، وعلى رأسهم بني هلال بن عامر، وبعض بني عُقيل بن كعب ومن اجتمع إليهم من جُشَم وعليا هَوَازِن، وغالب أبناء عمومتهم من قبائل بني سُلَيْم، وغيرهم من غَطَفَان أو فَهْم وعُدْوان من قيس عيلان.

وقول صاحب إمتاع السامر أن هُتيمًا كانوا في مقدمة الجيوش القرمطية، انطلاقًا من الخرمة وما صاقبها من البلاد، وذلك عند توجها إلى منطقة عسير عام ٤٢٠ هـ، يؤكد أن هذا البطن الكلابي من عربان بني عامر بقي في ديارهم القديمة المعروفة منذ الجاهلية (١)، كما يوضح أن هُتيمًا حتى هذا الوقت كانت لهم صولة وشوكة في الجزيرة العربية.

وتجدر الإشارة إلى عدد الأسرى وكونهم ألفين من الجيش القرمطي، وهل جميعهم من بني هُتيم، أم من عموم جيش القرامطة؟

فإذا كانوا جميعًا من هُتيم، فلا بد أن يكون بنو هُتيم في هذا الوقت قبيلة كثيرة العدد؛ كيف لا؟ وعدد المأسورين منها في تلك الوقعة ألفين رجل من حملة السلاح. أما إذا كان الأسرى من عموم جيش القرامطة - وهو الأرجح - فلماذا أطلق عليهم أمير عسير من قِبَل الخلافة العباسية - حينئذ - وذكرهم بهُتيم وبينهم عساكر وفرسان لا يمتُّون إلى بني هُتيم الكلابيين بصلة نسب؟!


(١) وذكر صاحب إمتاع السامر مساكن وديار هُتيم ما بين رنية وبيشة وخاصة في الخرمة، هذا قول صحيح لأن ديار بني عامر بن صعصعة من هوازن هي نفس هذه المناطق، وهي لازالت من ديار قبائل بني عامر من هوازن بن منصور.
كما ذكر لي رواة ثقات من بادية هذه الديار السعودية، أن عرب هُتيْم ما زال لهم آثار في جنوب شرق الدفينة، متمثلة في أبيار الهتيمِيات، وهى خمسة آبار مشهورة، وذكر لي أيضًا أن بعض بني هُتيم تفرقوا في هذه المناطق وسكنوا حول بيشة، وبعضهم نزح إلى الجنوب في عسير ومنطقة المخلاف السليماني أو قرب حدود اليمن، وقسم آخر انطلق إلى سوريا في بلاد الشام يعرفون للآن باسم (هتيم).

<<  <  ج: ص:  >  >>