للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصة الثانية]

كان الفارس سالم بن هضبان المري ومعه أحد فرسان ربعه (١) في طريقهما على بعيرين اثنين، فعلم بهما ركب من قبيلة بني هاجر، وكان عقيدهم الفارس عبد الرحمن بن محيا (٢) فأغاروا عليهما، فلما رآهما سالم وخويه أناخا بعيريهما وعقلاهما وأتيا بينهما فأقبل عليهما القوم والتحموا معهما في قتال، وكان الفارسان في شبه (محجى) (٣) فتشتوا الركب وعملوا عليهما كالدائرة، ولكن لم يستطيعوا أن يقتربوا منهما فعقر سالم بن هضبان فرس ذلك العقيد، ووقعت بالقرب منهما، وما إن وقع حتى عاجله سالم بن هضبان بطلقة أصيب بها إصابة بالغة، فجذبه سالم بن هضبان بين البعيرين ووضع (الجنبية) (٤) على رقبته وهدده إن لم يمنعه هو وصاحبه وبعيريهما وإلا قتله، فمنعه ذلك العقيد، فأقبل ابنه، فقال له أبوه: "تكفى تراني منعت الرياجيل!! لا تخلي الرياجيل يذبحونهم حتى لو مت"!!. فنبه قومه قائلا: "إن هؤلاء قد فعهم أبي"، ولكن ما لبث أن مات أبوه في تلك الأثناء. وأخذ بعض القوم يحرضه على قتل سالم وخويه بحجة أنهما قتلا أباه، إلا أنه أبى، وهدد بقتل من يقتلهما، فمنعهما في حياة أبيه وبعد موته، وأعطاهما بعيريهما وأخلى سبيلهما.

هذه من القصص النادرة التي تتجلى فيها الشهامة والوفاء عند البدو وقد اشتهرت قبيلة بني هاجر بذلك أيضًا.

[قهوة حارب]

هذه مقولة يستخدمها العرب قديمًا وهي القهوة التي بعدها أحد أفراد القبيلة أو فرسانها أو من شيوخها ويتأنى في صنعها حتى يكتمل جميع فرسان قبيلته فيسكب أول فنجان ويضعه على الأرض فيقول هذا فنجان الفارس المشهور الذي


(١) لم نتمكن من معرفة اسم ذلك الفارس.
(٢) هو فارس وصنديد من فرسان قبيلة بني هاجر المعروفة.
(٣) محجى: كل مكان ممكن أن يكون فيه المقاتل في مأمن من خصمه فهو محجى، قد يكون ذلك المحجى من الحجارة ونحو ذلك، وقد يكون من الشجر، وحتى الراحلة تكون محجى لصاحبها فى بعض الأحيان.
(٤) الجنبية: هي الخنجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>