أن وصلوا إلى إحدى الهيرات، نزل بعض الغاصة من جانبي السفينة، وكانت بالقرب منهم سفينة أخرى في نفس الهير ولها غاصة في الهير أيضًا، وهي سفينة من قطر، فنزل أحد غاصة النوخذة البحريني وأقبل عليه أحد غاصة السفينة القطرية وكان رجلا قوي البنية له خبرة في الغوص، وأخذ منه ما قد جمعه من محار بالقوة، فما كان منه إلا أن عاد إلى السطح ليشكي لنواخذاه من ذلك الغيمى، ونزل غاصة آخرون، فقابلهم ذلك الرجل وأخذ محصولهم.
فقال حمد المري للنوخذة (ما رأيك أن أنزل وآتيك بذلك الرجل"؟. . فاستغرب النوخذة من هذا الرجل ومن تلك الثقة فهو لا يريده أن يأتيه به، بل يريد الفكاك منه، وليخلّص غاصته منه. فقال له النوخذة: كيف، لن نستطيع؟ فقال المري: لي شروط؛ وهي أن تجعل لي مكانا على أحد جانبي السفينة (١) وأن تسمح لي بالغوص مادمت معكم وأن تجعل لي حصة من المحصول. فوافق النوخذة البحريني على تلك الشروط، ونزل حمد المري، وما إن نزل حتى أقبل عليه ذلك الرجل، فمد يده كالعادة كأنه يريد أن يصافحه، فمد يده حمد المري وما إن قبض يده حتى أدارها خلفه بقوة وبسرعة شديدة وأمسك يده الأخرى ثم قام بطي الحبل عليه ثم نفضه، وما إن نفض الحبل حتى جذبه السيب.
وكانت المفاجأة!! إنه رجل قد لُفَّتْ الحبال على يديه، وما لبثوا حتى خرج حمد المري على سطح السفينة، وإذا بذلك الرجل من السفينة القريبة منهم وعرفه ذلك النوخذة البحريني ووبخه وندم ذلك الرجل وقال لذلك النوخذة: أنا أحلف باللَّه أن ذلك الغيص ليس من أهل البحرين". وأخلى النوخذة سبيله ليعود إلى سفينته.
وبعد وصول ذلك النوخذة البحريني لقطر، أراد حمد المري النزول من السفينة ليوفي بوعده للنوخذة القطري، فطلب منه النوخذة البحريني أن يرافقهم في الرحلة، فرفض قائلا أن بيني وبين النوخذة القطري وعدًا وسوف أوفي بوعدي له، وأعطاه حصة مغرية من المحصول فرفض، فحاول فيه جاهدًا وحاول أن يغريه بشتى الطرق إلا أن ذلك الرجل أصر على موقفه.