بيده عليه وأصاخ نحو الأرض يستمع فقال: والذي أعدوا بطيره إني لأسمع وجيب قلوب الرجال. فقال له ابن براق فأنا أنزل قبلك فنزل فبرك وشرب وكان آكد القوم عند بجيلة شوكة فتركوه وهم في الظلمة ونزل ثابت فلما توسط الماء وثبوا عليه فأخذوه وأخرجوه من العين مكتوفًا وابن براق قريب منهم لا يطمعون فيه لما يعلمون من عدوه فقال لهم ثابت أنه من أصلف الناس، وأشده عجبًا بعدوه، سأقول له استأسر معي فسيدعوه عجبه بعدوه إلى أن يعدو من بين أيديكم وله ثلاثة أطلاق أولها كالريح الهابة والثاني كالفرس الجواد والثالث يكبو فيه ويعثر، فإذا رأيتم منه ذلك فخذوه فإني أحب أن يصير في أيديكم كما صرت إذا خالفني. قالوا: فافعل، فصاح به تأبط شرّا أنت أخي في الشدة والرخاء وقد وعدني القوم أن يمنوا عليك وعليَّ فاستأسروا وواسني بنفسك في الشدة كما كنت أخي في الرخاء. فضحك ابن براق وعلم أنه قد كادهم، وقال مهلا يا ثابت أيستأسر من عنده هذا العدو ثم عدا فعدا أول طلق مثل الريح كما وصف لهم، والثاني كالفرس الجواد والثالث جعل يكبو ويعثر ويقع على وجهه، فقال ثابت خذوه فعدوا بأجمعهم فلما أن نفسوا عنه شيئًا عدا تأبط شرّا في كتافه وعارضه ابن براق فقطع كتافه وأفلتا جميعًا.
فهذه القصة ترينا ما لهذا الرجل من الفطنة والذكاء مع السرعة والدهاء وهو من أشهر صعاليك الشعراء في الجاهلية.
٨ - ما قاله عاتق بن غيث البلادي في معجم قبائل الحجاز (١) عن فهم:
قال: بطن من قيس عيلان بن مُضَر، كانت لهم خطة بمصر، منهم بنو طرود بن فهم. وديار فهم بن عمرو بن قيس عيلان بالوقت الحاضر: أعالي وادي يلملم وبعض نواشغ صدور الليث الشمالية، تجاورهم من الشمال قبيلة هُذيل في عروان وما جاوره، والغرب بنو شعبة في المحرم -محرم يلملم- إلى الليث، ومن الشمال الشرقي بنو سفيان من ثقيف، ومن الجنوب الشرقي بنو سعد، وفي الجنوب وادي الليث بقبائله المتعددة مثل: بجالة، ويزيد، وذبيان. وتنقسم بنو فهم إلى فرعين هما:
(١) انظر معجم قبائل الحجاز ص ٤٠٦، ط ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م - دار مكة للنشر والتوزيع.