ونعني بالتقاليد ما يفعل عادة في سبيل الزواج من المهر والولائم والأفراح وما أشبه ذلك، يتنفق الزوج وولي المرأة بادئ ذي بدء على تحديد موعد الاجتماع فيه لعقد الزواج بالمخطوبة بواسطة سفير من أصدقاء الطرفين، أو صديق أحدهما أو مباشرة دون الرجوع غالبًا إلى أخد رأي المخطوبة حول رغبتها في الزوج من عدمها، وفي الموعد المضروب يأتي الزوج يحفّ به أقاربه وأصدقاؤه إلى بيت المخطوبة فيستقبله وليها بما جبل عليه من كرم وبشاشة وحسن خلق، مقدما له ما يستطاب من المتاع، ثم يعقدون مؤتمرا يتألف من الزوج وولي الزوجة واثنين أو ثلاثة من أقاربهما لتقرير الصداق، وبعد مساومة وأخذ وردّ ويسيل وحطّ يتقرر مقدار الصداق، وليس للزوجة فيه نصيب بل هو ملك للولي يتصرف فيه كيف يشاء وبما يشاء، وحينئذ تجرى مراسيم العقد بحضور مطوع القرية أو فقيهها بواسطة ولي المرأة وشاهدي عدل على قرار الشريعة السمحة، وهناك يدفع الزوج المهر معجلا، وقد يؤجل نصفه أو أقل أو أكثر على قدر يسار الزوج من عدمه (١)، وقد يكون المهرمحدودا بين أفراد القبيلة لا يتجاوزه أحد، ويعاقب المتجاوز بغرامة مالية تدفع لكبير القبيلة وعقلائها، وقد يعاقب بسجنه في ناحية من مسجد القرية فيه خشبتان أعدتا لسجن المتمرد على تقاليد القبيلة ذات ثقوب مدورة بقدر وضع السجين رجله. وصورتها كما يلي: ترفع الطبقة العلوية للخشبة حتى إذا وضع السجين رجله في الثقب أطبقتا عليه، فيتعذر عليه الخلاص ويبقى مستلقيًا على ظهره حتى تفرغ القبيلة من إبرام حكمها وتنفيذه عليه، وهذه تقاليد تمليها الحالة الراهنة يقصد منها وضع حد للجشع. هذا، وإن كان فيها نوع من القسوة، ولكن الحكومة -أيدها اللَّه- قضت على هذه القسوة.
(١) فيما مضى كان الصداق وتكاليف الزواج مبسطة، ومع ذلك كان الزواج يرى التكاليف وصلت إلى حد كبير، أولم برأس من الغنم أو رأسين أو ثلاثة. أما فى عصرنا فالناس يتمتعون بوسائل الطفرة فى كل شيء غير أن التكاليف فوق مستوى الطفرة، إذ لا يكتفي باستهلاك نصاب من الغنم على أقل تقدير بله التكاليف الأخرى.