للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقون الأدبار منهزمين تاركين ما لهذا البغل وما عليه وأخذه المسلمون (١) فوجدوا عليه حلة كسرى وثيابه ودرعه ووشاحه الذي كان فيه درعه وجواهر وكان يجلس عليها لبهائه بها فأخذ صاحب الأقباض يسجل كل ما يؤتى به من الغنائم فوجدوا في المحمل الأول تاج كسرى وجواهره وفيه ثيابه الموشحة بالذهب والمنظومة بالدرر، وفي المحمل الثاني ثيابه وهي موشحة بالذهب ومنظومة بالدر.

استقرار المسلمين في خراسان (٢)

استراح المسلمون من دك حصون الفُرس والاستيلاء على بلادهم والإطاحة بالأكاسرة وقوادهم جزأء لاضطهادهم المسلمين وتصديقا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما مزق كسرى كتابه الذي بعثه له يدعوه إلى الإسلام إذ قال - صلى الله عليه وسلم - كلمته المشهورة: (سيمزق الله ملكه شر تمزيق) فألقى المسلمون عصا الجهاد هناك واستقروا وطاب لهم المقام في البلاد الجديدة التي فتحوها - فاتخذوها وطنا إسلاميا جديدا لهم. ولما كان بنو تميم أكثر القبائل الإسلامية التي خاضت غمرات الفتوحات فيها كانوا أكثر سكانها الجديدين (٣)؛ أي خراسان من قبيلة بني تميم، وشاهد هذا ما ذكره عبد الرحمن بن نعيم الأسدي يخاطب يزيد بن المهلب حيث قال: قدمت خراسان غير مرة ووليتها وأنت أعلم بها مني وقد علمت أن تميما أكثرها عربيا وأن الجند بها ٣٤.٠٠٠ ألف جندي من تميم وبيت المال والسلطان فيهم فإنهم تجمعوا لما عرف أحد منا مصرع صاحبه ولهذا قال الفرزدق:

فدى لسيوف من تميم وفي بها … وكيع وجلت مني وجوه الأهاتم

شفين حزازات النفوس لم تدع … علينا مقالا في وفاء للائم

أبأنا بها قتلى وما في دمائهم … وفاء وهن الشافيات الحوائم

[قوة بأسهم في الحروب]

كان الأمويون يخشون بأسهم لكثرتهم وعزتهم وقوة شوكتهم، وكما هي


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٥١.
(٢) المصدر السابق ص ٢٥٣.
(٣) انظر: تاريخ الطبري ج ٨ ص ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>