للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان عامل (الجوزجان) ذلك لأن أمه الغراء بنت ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة ولأن أخواله دفعوه حتى نجوه، ففي ذلك يقول الفرزدق (١):

عشية ماود بن غراء أنه … له من سوانا إذا دعا أبوانا

وقال أيضًا:

ومنا الذي سل السيوف وشامها … عشية باب القصد من فرغانا

عشية ود الناس أنهم لنا … عبيد إذا الجمعان يضطربان

أسباب قوة بني تميم الرهيبة (٢)

قد يعجب الكثير لهذه القوة أي يتمتع بها بنو تميم في خراسان التي جعلتهم يعاتبون بسيوفهم كل من يخالف تعاليم الإسلام حتى ولو كان بارزا، مع أن مجرد التفكير في أمر كهذا عند القبائل الأخرى مما تنهار له النفوس وتتفكك له المفاصل ولكن الخبراء بما كان لهم من منزلتهم الحربية والاجتماعية وكثرة عدد وتضامن وفداء وطاعة لرؤسائهم.

وما كان لقوادهم من قوة ترتكز على الثبات على الإسلام والصبر والعزة، والأيام الخالدة والتاريخ الحافل في جلائل الأمور وما كان لزعمائهم من تدبير محكم وبعد نظر وإباء عن مس كرامتهم.

كل هذه الأمور وأمثالها نموذج من الأسباب القريبة التي أقنعت الحكام والمحكومين والقريب والبعيد بقوتهم الرهيبة حتى على الملوك قبل الإسلام في أيام المناذرة والغساسنة والأكاسرة، أما في الإسلام فكانوا المثل الأعلى في الالتزام والطاعة للذين ساروا على نهج الإسلام من حكام ورؤساء ولا يشقون عصا الإسلام عليهم إذا لم يأمروا بمعصية حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مستنيرين بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} [النساء].


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٥٦.
(٢) المصدر السابق ص ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>