للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب، ثم للدلالة على مكانة شاعرهم وفارسهم المُعْلَم في الجاهلية والإسلام: العباس بن مِرْدَاس السُّلَمي، وخاصة قبل دخوله في دين الإسلام، وتشرفه بصحبة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قيس بن نسيبة السُّلَمي

وَفَد قيسٌ على النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمع حديثه، وسأله عن أشياء أجابه عنها، ووعي كلام المصطفي، ودعاه الرسول إلى الإسلام فأسلم، ورجع إلى قومه بني سُلَيْم، فقال مُوَجِّهًا لهم إلى سبيل الرشاد باللغة والأسلوب المقنعين، قال لهم: (قد سمعت ترجمة الروم، وهَيْنَمة فارس، وأشعار العرب، وكهانة الكاهن، وكلام مَقَاوِلِ حِمْيَرَ - فما يشبه كلام مُحَمَّدٍ شيئًا من كلامهم، فأطيعوني وخذوا نصيبكم منه).

فلما كان عام الفتح خرجت بنو سُلَيْم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلقوه بقُدَيدٍ، وهم ألف فارس كلهم على متون الخيل، وفيهم العباس بن مِرْدَاس، وأنس بن عياض بن رِعْل، وراشد بن عبد ربه (١) فأسلموا، وقالوا (لرسول الله): اجعلنا في مقدمتك، واجعل لواءنا أحمر، وشِعَارُنا مقدم، ففعل ذلك بهم، فشهدوا معه الفتح والطائف وحُنَيْنًا (٢).

ومن هذا الحديث ندرك مدى طموح بني سُلَيْم، كما ندرك منه عمقَ إسلامهم في نفس الوقت.

ويحدثنا جواد علي عن قيس بن نسيبة هذا، بأنه كان على علم بلسان الروم، وبهينمة الفُرس وبأشعار العرب، وبأنه كان ذا حظ بثقافة ذلك الزمان، وبأنه رجع إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا (٣)، ويبدو جليا أن ما أورده الدكتور جواد علي عن علم قيس بلسان الروم إلخ - هو اقتباس منه واستنتاج مما


(١) ونحن نرى هنا "عبد ربه" اسمًا اختاره النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوالد راشد: (عبد العُزَّى)، كما نراه يختار لابنه اسم (راشد) بدلًا من اسمه الجاهلي: (غاوي). وجدير بالذكر أن اسم "عبد ربه" شائع حتى الآن في الحجاز ربما في مصر أيضًا.
(٢) طبقات ابن سعد، ص ٣٠٧، المجلد الأول.
(٣) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي، ص ٢٥٧، الجزء الرابع، طبع دار العلم للملايين في بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>