قال ابن خلدون:"وبقي من عقب سعادة في زاويته بنون وحفدة يوجب لهم ابن مزني رعاية؛ وتعرف لهم أعراب الفلاة من رياح حقا في إجارة من يجيرونه من أهل السابلة، وبقي هؤلاء الذواودة ينزع بعضهم أحيانا إلى إقامة هذه الدعوة فيأخذون بها أنفسهم غير متصفين من الدين والتعمق في الورع بما يناسبها ويقضي حقها، بل يجعلونها ذريعة لأخذ الزكاة من الرعايا ويتظاهرون بتغيير المنكر يسرون بذلك حسوا في ارتغاء فينحل أمرهم لذلك وتخفق مساعيهم ويتنازعون على ما يحصل بأيديهم ويفترقون على غير شيء" اهـ.
[إمارة بني مزني ببسكرة]
كانت قاعدة الزاب الحفصي (مقرة) من أرض الحضنة، فكانت بسكرة تابعة لها ومشيختها لبني رمان منذ سقوط الدولة الحمادية، وكان بنو مزني بقرية حياس قربها، وملكوا بها جنات النخيل والثمار بمياهها، وانتقلوا إليها، وشارك كبارهم في مجالس شوراها، فاستنكف منهم بنو رمان وتلاحوا بالكلام، وانتهى أمرهم إلى سلطان تونس فمال مع بني رمان لقدمهم، ولكن النزاع لم يفصل وأصلتوا سيوفهم، وتقاتلوا في سكك بسكرة.
وفي سنة ٦٥١ هـ دعا أبو إسحاق لنفسه مغاضبًا لأخيه المستنصر فبايعته رياح بنقاوس وزحفوا به إلى بسكرة فبايعه من مشيختها فضل بن علي بن أحمد بن الحسين بن علي بن مزني وأبى أهلها موافقته، وعزموا على قتله فخرج إلى أبي إسحاق الذي لم يتم أمره وأجاز معه إلى الأندلس حتى توفي المستنصر وعاد مع أبي إسحاق إلى تونس.
وبنو مزني ينتسبون إلى مازن بن فزارة، قال ابن خلدون:"والذي تلقيته عن نسابة الهلاليين أنهم بنو مزنة بن ديفل بن محيَّا بن جرير من فصائل لطيف، وهو الصحيح فإن أهل الزاب كلهم من أفاريق الأثبج عجزوا عن الظعن ونزلوا قراه على من كان بها قبلهم من زناته وطوالع عرب الفتح، وإنما نزعوا عن نسب الأثبج لما صاروا إليه من المغرم والوضائع" اهـ.
وفي سنة ٧٧٨ هـ ملك أبو إسحاق تونس وجازى فضلا عن صحبته إياه بولاية الزاب فنزل بسكرة وخضع له بنورمان ظاهرا، وحالفوا أولاد جرير