بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خالد بن الوليد، في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى، سنة عشر بعد الهجرة، إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا، فإن استجابوا فاقبل منهم، وإن لم يفعلوا فقاتلهم.
فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الإسلام. فأسلموا بلا قتال.
وكتب خالد إلى رسول اللَّه بذلك.
فكتب إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائلا: بشرهم وأنذرهم، وأقبل وليقبل معك وفدهم.
فأقبل خالد وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب، منهم: قيس بن الحصين ذي الغصَّة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، وعبد اللَّه بن قراد الزيادي، وشداد بن عبد اللَّه القناني، وعمرو بن عبد اللَّه الضِّبابي.
فلما رآهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟
قيل: هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب.
فلما وقفوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأسلموا -أكدوا سلامهم- قال لهم:"أنتم الذين إذا زجروا استقدموا؟ " فلم يراجعه أحد منهم. فأعاد عليهم أربعًا، فقال يزيد ابن عبد المدان: نعم، يا رسول اللَّه، نحن الذين إذا زجروا استقدموا،
(١) كان القوم نصارى، فأعدوا لهم غرفا خاصة بشرب الخمر، فلما أسلموا أذهب اللَّه عنهم ذلك، واندثرت كعبة نجران كما سيأتي. ديوان الأعشى ص ٢٨، دار الكتاب العربي.