للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القبائل البربرية الجزائرية]

[زناتة]

زناتة أشبه البربر حياة بالعرب؛ لأن أكثر موطنهم الصحراء يتخذون بيوت الشعر للظعن، قال ابن خلدون: "وكانت مكاسبهم الأنعام والماشية وابتغاؤهم الرزق من تحيف السابلة وفي ظل الرماح المشرعة، وكانت لهم في محاربة الأحياء والقبائل ومنافسة الأمم والدول ومغالبة الملوك أيام ووقائع، نلم بها ولم تعظم العناية باستيعابها فنأتي به، والسبب في ذلك أن اللسان العربي كان غالبًا لغلبة دولة العرب وظهور الملة العربية، فالكتاب والخط بلغة الدولة ولسان الملك، واللسان العجمي مستتر بجناحه مندرج في غماده، ولم يكن لهذا الجيل من زناتة في الأحقاب القديمة ملك يحمل أهل الكتاب على العناية بتقييد أيامهم وتدوين أخبارهم، ولم تكن مخالطة بينهم وبين أهل الأرياف والحضر حتى يشهدوا آثارهم لإبعادهم في القفر وتوحشهم عن الانقياد، فبقوا غفلا إلى أن درس منهم الكثير ولم يصل إلينا بعد ملكهم إلا الشارد القليل يتبعه المؤرخ المضطلع في مسالكه ويتقراه في شعابه ويثير من مكامنه" اهـ.

وقد أخذت زناتة بالخارجية، ثم فارقتها تدريجًا حتى لم يبق منهم عليها إلا القليل، وكانوا منقسمين سياسيًا إلى إدريسيين ورستميين وأغلبيين. ولهم حروب مع جيرانهم صنهاجة، فلما ظهرت دولة بني عبيد والتهم صنهاجة، وعادتهم زناتة فاتسعت واجهة الخلاف بين القبيلتين.

وكانت رئاسة زناتة لمغراوة، ووفد أميرهم صولات بن وزمار على عثمان بن عفان - رضي الله عنه، فعقد له على قومه، قال ابن خلدون: "فاختص صولات وسائر الأحياء من مغراوة بولاء عثمان وأهل بيته من بني أمية، وكانوا خالصة لهم دون سائر قريش، وظاهروا دعوة المروانية بالأندلس رعيا لهذا الولاء" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>