ومظاهرة مغراوة وسائر زناتة لمروانية الأندلس إنما حدثت أيام بني عبيد، فالظاهر أن سببها منافسة صنهاجة، وقد تقوت صنهاجة ببني عبيد على أعدائها الأقدمين فنالت منهم قتلا وجلاء، وكانت نكبتهم على يد بلقين بن زيري سنة ٣٦٩ هـ، قال ابن خلدون:"دوَّخ بلقين في هذه السنة المغرب، وانكفأ راجعًا، ومر بالمغرب الأوسط، فالتحم بوادي زناتة ومن إليهم من الخصاصين، ورفع الأمان على كل من ركب فرسًا أو أنتج خيلًا من سائر البربر، ونذر دماءهم، فأقفر المغرب الأوسط من زناتة، وصاروا إلى ما وراء ملوية من بلاد المغرب الأقصى إلا ما كان من رجوع بني يعلى بن محمد إلى تلمسان وملكهم إياها" اهـ.
وقد لحق كثير من زناتة بالأندلس في العصرين العربي والبربري، وضربوا هنالك مع ملوك الطوائف بسهم، وكان منهم جيش عظيم للغزو أيام بني الأحمر بغرناطة.
وكان منهم جراوة قوم الكاهنة ذوي سلطان، ثم انقضى أمرهم لأول الفتح، ومنهم مغراوة قوم صولات بن وزمار جد بني خزر، واستمر سلطانهم إلى أن غلبتهم صنهاجة، فنزحوا إلى المغرب الأقصى، وأسسوا إمارات بتلمسان وفاس وسجلماسة وأغمات قضى عليها المرابطون، وأسسوا أيضًا إمارة بطرابلس قضى عليها النرمان وتجدد لهم ملك بشلف في العصر البربري ومنهم يفرن قوم صاحب الحمار، ويعلي بن محمد بن صالح مؤسس مدينة أفكان؛ ولبنيه دولة بالمغرب الأقصى قبل ظهور المرابطين ومنهم بنو يلومي وبنو ومانو، كان لهم شأن في العصر البربري، وهذه طبقة أولى عند ابن خلدون. والطبقة الثانية هم بنو مرين ملوك فاس، وبنو عبد الواد ملوك تلمسان، وبنو توجين أصحاب وانشريس.