للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض بطون قد امتزجت بالبربر وكونت قبائل جديدة وسلالات جديدة، وابتلع العنصر العربي العنصر البربري، وقد صارت القبائل البربرية الآن قليلة العدد وأغلبها في الأوراس وساحل البحر الشرقي من بلاد الجزائر، ومناطق كثيرة في المملكة المغربية بها قبائل بربرية سيأتي التفصيل عنها في هذا المجلد.

ونلخص قول العلَّامة ابن خلدون عن بطون سُلَيْم في تونس

ففي عهد رسوخ الدولة الحفصية قام الأمير أبو زكريا بإحضار مرداس وعلَّاق من بطون عوف بن بهثة بن سُلَيْم من برقة (بليبيا) ومن نواحي السواحل في قابس (تونس) واصطنعهم لنفسه، وكانت رئاسة مرداس يومئذ في أولاد جامع وبعده لابنه يوسف وبعده لعنان بن جابر بن جامع (١)، وكانت رئاسة علَّاق عند دخولهم إفريقيا (عام ٤٤٣ هـ) لعهد المعز الفاطمي وبنيه لرافع بن حماد وعنده راية جده التي حضر بها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جد بني كعب (الذين ظهروا وسادوا على سُلَيْم عدة قرون).

واستظهر السلطان ببني عوف هؤلاء على شأنه وأنزلهم بساحة القيروان وأجزل لهم الصلات والعوائد، وزاحموا الدواودة من رياح الهلالية الذين كانت لهم استطالة وصولة على بلاد تونس، وكانت "أبة" (٢) إقطاعًا لمحمد بن مسعود بن سلطان الدواودي ثم الرياحي (هِلَال)، فأقبلت إليه مرداس من عوف (سُلَيْم) في بعض السنين للكيل من الثمار أو الحبوب، فلما رأوا نعمة الدواودة في تلولهم تلك شرهوا إليها وأجمعوا طلبها، فحاربوهم وغلبوا الدواودة وقتلوا رزق بن سلطان الدواودي واتصلت الفتنة، فلما حضر الأمير أبو زكريا لهم صادف عندهم القبول لتحريضه فاعصوصبوا جميعًا على فتنة الدواودة وتأهبوا لها، وتكررت بينهم وبين رياح الهلالية الحروب والوقائع حتى انتصر أخيرًا بنو مرداس من عوف (سُلَيْم)، وقد أزاحوا معظم رياح (هلال) عن تونس فنزحوا إلى تلول قسنطينة وبجاية وبلاد الزاب في الأوراس (الجزائر حاليًا)، فلما وضعت الحرب أوزارها بين مرداس ورياح ملك بنو عوف (سُلَيْم) بالطبع سائر ضواحي تونس وتغلبوا عليها


(١) أسرة بنو جامع من مرداس (عرف بن بُهْثَة) من بني سُلَيْم اشتهرت فترة في قابس في البلاد التونسية وقامت بمشروعات عمرانية لم تتوان في تنفيذها تباعًا، فغدت هذه المدينة في أيام هذه الأسرة حاضرة زاهرة تضم الكثير من العمائر الضخمة والقصور المزينة بالزخارف البديعة.
(٢) بلدة لا زالت تُعرف باسمها في شمالي البلاد التونسية وتُسمى الآن "أبة كسور".

<<  <  ج: ص:  >  >>