للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوهما في عهد جده الناصر بن علناس، وحتى هذا الانتصار المؤقت لم يترك أي قوة دافعة تبقي على كيان الدولة الحمادية ولو إلى حين؛ ذلك أن خليفته يحيى بن العزيز الذي تولى الحكم بعده خلال عام ٥١٥ هـ - ١١٢١ م سرعان ما بدد نتائج ذلك الانتصار ومحا كل ما خلفته من مكاسب حربية.

[عهد يحيى بن العزيز الحمادي]

كان يحيى مندمجًا في الملذات مُغرمًا بالنساء محبًّا للصيد والقنص، وبسبب هذه العيوب الخُلقيَّة سرعان ما ظهر عجزه التام عن دفع الخطر الخارجي الذي كان يهدد كيان دولة بني حماد وينذر بتقويض أركانها من أساسها، ولقد كان الخطر يزداد تفاقمًا على مر الأيام، ففي عام ٥٣١ هـ - ١١٣٦ م غزا الإيطاليون من أهل ميناء جنوة ميناء بجاية عاصمة الحماديين الثانية، وعاود البربر هجماتهم على أملاك بني حماد، واستمر العرب الهلالية على غزواتهم المدمرة دون أن تصادف أية مقاومة جديةً تذكر، ثم اجتاح الموحدون (١) بالمغرب آخر الأمر بلاد الجزائر عام ٥٤٧ هـ - ١١٥٢ م بعد استيلائهم على مراكش والأندلس، وتقدم القائد الموحدي عبد المؤمن وهزم سبعًا أخا السلطان يحيى بن العزيز وذلك في بجاية حاضرة مُلك بني حماد عندها لاذ السلطان يحيى باذيال الفرار تاركًا حاضرة ملكه، فأسرع عبد المؤمن قائد الموحدين إلى احتلالها دون أية مقاومة، وأمر جنوده بهدم القلعة المنيعة التي شيدها حماد بن بلكين مؤسس الدولة الحمادية بجهة برج بوعريرج فمحوا آثارها من الوجود، ثم شتتوا أهلها بعد أن أرغموا العرب الهلالية وأتباعهم على الفرار إثر الاشتباك معهم في معارك ضارية دامت أربعة أيام بالقرب من مدينة سطيف الواقعة في الجنوب الشرقي من بجاية، وكان ذلك عام ٥٤٧ هـ - ١١٥٢ م نفسه وهو تاريخ نهاية دولة بني حماد، وقد احتمى السلطان الحمادي عقب هربه من بجاية في مدينة عنابة (بونة)، ثم فرَّ بعد إلى مدينة قسنطينة حيث سلم نفسه إلى عبد المؤمن دون أن يخوض معركة واحدة، فأخذ أسيرًا إلى مراكش ثم إلى


(١) الموحدون: دولة أسسها عبد المؤمن الكومي من قبيلة كومة من بربر المغرب وقد قضى على نفوذ الأشراف الأدارسة وغيرهم وتوسع في بلاد المغرب والأندلس وأنشأ دولة قوية، وكان ابن تومرت هو الأب الروحي للموحدين وهو من قبيلة مصمودة البربرية وعبد المؤمن من رجاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>