قال نبينا الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خيركم من تعلَّم العلم وعلَّمه"، وقال أيضًا:"أعوذ باللّه من علم لا ينفع" صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وإن شاء الله تعالى، هذا العلم الجليل القدر، والذي أخذني حب جارف للتعمق والغوص فيه، ونَهْل المزيد منه عبر سنوات طويلة، سوف ينفع الله بي بني أُمتي وبني جلدتي وقومي الأعزاء الذين أنا فرد منهم، يسعدني ما يسعدهم. وهذا العلم ينمي عند قومي - العرب - الاعتزاز بأنفسهم، وعروبتهم المجيدة، وجذورهم، وفعالهم، ومعدنهم الكريم، والفخر بتاريخ أجدادهم وماضيهم التليد؛ ليكون العرب بحق: خير أمة أخرجت للناس، بعد أن اختارهم الله ليرفعوا راية الحق والعدل والدين القويم لباقي الأمم، وليكن العرب أحرص ما ينبغي بينهم في السعي دومًا وراء الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليكونوا قدوة حسنة لسائر المسلمين بل والبشر أجمعين.
وإن علم النسب وتاريخ القبائل وتعريفه للناس أرى فيه العلم الذي يؤلف أبناء المجتمع ولا يُنفِّرهم، ويجعلهم كثر تماسكًا واحترامًا وتقديرًا لأنفسهم أولًا ولغيرهم من إخوانهم العرب ثانيًا، ويُقرِّبهم ولا يباعد بينهم. وإن ذلك نراه في حكمة الخالق سبحانه وتعالى أن جعل النّاس شعوبًا وقبائل مختلفة؛ ليتعارفوا فيما بينهم، ولعلَّ الهدف الأساسي الذي يرمز له مولانا سبحانه وتعالى من وراء هذا التعارف أو ذلك التآلف هو غاية نبيلة يأمرنا بها الله عزَّ وجلَّ، ألا وهي الاختلاط مع الآخرين وليس الانطواء والانعزال، لإثارة غريزة التنافس بين القبائل والشعوب في فعل الخير، وتقليد الشِّيم، والعادات الكريمة، ونبذ الآخرى غير المستحبة أو غير النبيلة؛ لأنَّ الله جَبَل النّاس على الخير وفعله وجعله في الفطرة الإنسانية؛ ولأن الشيء القبيح أو المكروه والسعى ينفر منه النّاس، وتزدريه النفوس البشرية، وتبغضه القلوب، وترفضه العقول، هذا في البشر بصفة عامة.
ونحن العرب أولى النّاس في التمسُّك بالخير، ونبذ الشر وكل ما هو مُشين بعد أن هدانا الخالق بنور القرآن وبعث فينا خير الوري، وقد اصطفاه منا - نحن العرب - دون سائر الأمم، ليظهر دين الحق ويبين الشريعة السمحاء التي يريدها